قبل عشر سنوات كنا مجموعة من المثقفين او حملة الشهادات العليا نلتقي في بقالة الاستاذ منير لقد كانت هذه البقالة ملتقى للثقافة والأدب كنا نجتمع في ساعات المساء لنطرح قضية اجتماعية او اقتصادية او سياسية فنستضيف على سبيل المثال ضابطا من ضباط القوات المسلحة الذين خدموا وطنهم بكل أمانة وأخلاص ليحدثنا عن معركة الكرامة او حرب ال67 ليطلعنا كشاهد عيان عن بطولات الجيش الأردني وكيف خاض معركتة مع العدو الغادر ثم ننهال عليه بوابل من الاسئلة والاستفسارات لنقف على الحقيقة المشرفة للجندي الاردني وفي اليوم التالي نستضيف رئيس بلدية منتخب ليطلعنا على حجم التحديات والصعوبات التي تواجه عملة ثم يستنير برأينا لوضع استراتيجياتة المستقبلية لخطة عملة او ربما نستضيف تربويا نقف معه على واقع التعليم في هذا البلد وعندما لا نجد من نستضيفة فأننا نطرح قضية اجتماعية او فكرية ونأخذ بتحليلها بطريقة العصف الذهني لنخرج بنتائج غاية في السمو والابداع هكذا كانت ايامنا تسير قبل عقد من الزمن .
اليوم الكل هجر البقالة وقرر الرحيل في بقاع الدنيا الواسعة منهم من ذهب الى اوروبا لأكمال الدكتوراه او للعمل في احدى الدول الشقيقة لتحسين اوضاعه المادية حتى الاستاذ منير اغلق البقالة وشد من مأزره وربط حذائه وذهب ليدرس في احدى الجامعات السعودية ذهب في سباق مع رغيف الخبز متجاهلا ان رغيف الخبز يسير بسرعة الضوء وهو رجل خمسيني لايستطيع الجريء لكنه مكرها لابطل فدخله كتربوي لايستطيع تأمين حاجات ابنائه من رسوم جامعات وزواج وبناء لتستفيد دول اخرى من خبراته رغم ان بلده اولى به لو أنصفته وأعطته حقه ومثله كثيرون .
لم يبق احد من رفاق الدرب الا انا وعندما اتباهى بذلك فأنهم يقولون لي انت واحد ( ح) و(ح) الحرف الاول من حيوان أليف كان يعيش بيننا قبل مجيء السياره او قبل المدنية البغيظه التي ادخلت الى عالمنا وحتى لو كنت (ح) لكنني عاشق والعاشق دائما خاسر انا عاشق لتراب بلدي .. عاشقا لشوارعها وأزقتها ... عاشقا لجبالها وهظابها ... لا بل عاشقا للزبالة في شوارعها رغم ان الذين رحلوا اكثر عشقا مني لبلدهم لكنهم مرغمون .
اليوم عدت الى قاموس اللغة لعلي اعرف ما معنى كلمة اردني بعد الآلفية الثالثة فوجدت ان أردني كلمة تعني مواطن يعيش على تراب الاردن يحب قيادتة ويعشق تراب وطنة وكلما حصلت نكبة او نكسة لآخوانة العرب او المسلمين استقبلهم على حساب رغيف خبزه ليتقاسمه معهم وليعطيهم جزء من ارضه ليصبحوا مواطنين مثلة كان يعتز بمنسفه الاردني المكسو باللحم البلدي وبعد ان ضاق حاله حل الدجاج مكان اللحم وربما ستحل البطاطه ان بقية رخيصة الثمن مكانهما لكنه دائما يختلق الاعذار المقنعة( الجود من الموجود ) اذا شكى الفقر وقلة الحيلة هبت به العشيرة يكفيك نعمة الأمن وكأن الأمن عنصرا منفردا في الطبيعة لا يمكن ان يأتي مع رغيف الخبر ورغد العيش رغم ان المعادلة الاقتصادية مفادها ( أمن + رغيف خبز + قليل من الحرية = كرامة مواطن هذا ما نريده فعلا فا لأمن موجود والقيادة الهاشمية رحيمة فأين رغيف الخبز رحمكم الله .