محمود درويش وتحولات القضية..!

محمود درويش وتحولات القضية..!
أخبار البلد -   اخبار البلد - 
 

منذ رحل محمود درويش، جسداً، عن الدنيا في مثل هذه الأيام قبل 13 عاماً، لم يعد عُشّاق الشعر يترقبون ديوان شِعر يشكل صدوره حدثاً ثقافياً عربياً كبيراً. ومع أنّ كل «قبيلة» تحب أن يولد فيها شاعر كبير، فإن الشُّعراء الذين يصعب تكرارهم يخلّفون وراءهم فراغاً، ويضع عملهم عبئاً على البقية الذين يحاولون التعويض.
ما ميز درويش عن كثيرين هي استمرارية صلته بوحي الشعر، مقرونة بالتجدد الدائم. لم يتوقف، ولم يتكرر، وإنما عبَّر عن حالاته الذاتية والموضوعية المتغيرة بتعبيرات جديدة استطرادية، كما هو طبع اللغة التي تداول بها. وقد برع في إعادة تعريف الحالات الإنسانية اليومية المألوفة بطرق بدت معها غير مألوفة، مضيفاً تنويعات لا حدود لها إلى التجربة الشعورية بالخبرات البشرية. وكانت مزاجاته الفنية والتعبيرية متماهية مع تحولات القضية الفلسطينية/ الإنسانية التي ارتبط بها.
في بداياته الشعرية، في ديوان «عصافير بلا أجنحة» الصادر في العام 1960، في قصيدة بعنوان «العيد والشمس»، كتب: «لم تشرقِ الشمسُ الحبيبةُ.. رغم إصرارِ النهارْ/ كان النهارُ بدونِ شمسٍ.. هل تخيلتَ النهارْ؟/ كم فتشَت عنها العيونُ.. ولَم تزلْ بالانتظار/ وتسمرَت بخيوطِها.. وخيوطُها أمل تراءى.. وانتظار».
في كل هذا الديوان، الذي رُبما لا يُحسب كبداية حقيقية لدرويش بسبب مستواه الفني وثيماته، يسود صوت التأسّي السلبي للذات الفلسطينية المنكوبة. كانت تلك المرحلة استمراراً للصدمة الهائلة التي صنعتها النكبة وضياع فلسطين في 1948. وكان ثمة شيء يمور تحت السطح، لكنه غير واضح بعد. وكذلك كان حال محمود الشاعر، الذي لم يجد صوته بعد.
ثم، في ديوان «أوراق الزيتون» (1964)، تظهر تباشير الثورة وتتضح معالم أول الطريق. ومنذ البداية، يعلن درويش في «قصيدة إلى القارئ»: «… غضبٌ يدي.. غضبُ فمي.. ودماءُ أوردتي عصيرٌ من غضبْ!/ يا قارئي!لا ترجُ مني الهمسَ!لا ترجُ الطربْ/ هذا عذابي.. ضربةٌ في الرمل طائشةٌ، وأُخرى في السُّحُبْ!/ حسبي بأني غاضبٌ، والنارُ أولها غَضَبْ»! وبعد سنة من ذلك تبدأ مرحلة الكفاح المسلح بإطلاق الرصاصة الأولى، بما حملته تلك الفترة من أمل وإيمان بحتمية التحرير.
في العام 1973، عندما كان يعيش في بيروت، قال في حوار مع التلفزيون المغربي، مفسراً تحوله الأسلوبي من المباشرة إلى العناية بالفنيات: «في الأرض المحتلة كانت لغتنا بسيطة، لأننا كنا نهتم بالهدف السياسي قبل الفني، والاهتمام كان بالمواجهة والبساطة لأن الكلمة كانت هي المحرض». وفي الحقيقة، يمكن تصوُّر الحالة الفلسطينية في تلك الفترة في لبنان، حيث التفاعل بين المعسكرات والمؤسسات والمنشورات والحوارات الأيديولوجية والسجالات الداخلية والعلاقة مع البيئة السياسية والثقافية. ومن الطبيعي أن تعرض الحياة شبه الكاملة، وإنما غير الطبيعية، للفلسطينيين في لبنان الكثير من الخبرات والثيمات التي يفاوضها الشعر.
في العام 1982، مع غزو الكيان الصهيوني للبنان وإرغام الفصائل الفلسطينية على الخروج، بدأت مرحلة جديدة من الخبرة الفلسطينية، عاشها درويش مباشرة، عنوانها هزيمة مشروع الكفاح المسلح والذهاب إلى منفى جديد بعيد. وفي «مديح الظل العالي»، عبر درويش عن حالة الفلسطيني الذي اجتمعت عليه كل القوى: «كم كنتَ وحدَك يا ابن أمي/ يا ابن أكثر من أبٍ/ كم كنتَ وحدَك». لكنه أوصى بضرورة النضال: «هي هجرة أخرى فلا تذهب تماما (…)/ هي هجرة أخرى فلا تكتب وصيتك الأخيرة والسلاما».
في 2002، عندما تأكد فشل مشروع أوسلو و»الدولة»، كتب في «حالة حصار»: «هنا، عند مُنْحَدَرات التلال/ أمام الغروب وفُوَّهَة الوقت/ قُرْبَ بساتينَ مقطوعةِ الظلِ/ نفعلُ ما يفعلُ السجناءُ، وما يفعل العاطلون عن العمل: نُرَبِّي الأملْ». كان واضحاً أن الشعاراتية والهتافات الثورية لا تمت بصلة إلى المرحلة، وأن حركة التحرر الفلسطينية في حالة حصار وتبطُّل. وأصبحت قصائده درويش وجدانيات تعبر عن هذه الحالة الخالية من اليقين. وقد تعمقت هذه الحالة الفلسطينية من المراوحة في الممر الأبيض في «الجدارية» وما تلاها، مترافقة مع شعور محمود المتصاعد باقتراب الموت وابتعاد تحقُّق الحلم الوطني.
في النهاية، يخلص درويش إلى أن الخبرة كلها، وطنياً وذاتياً، ليست محسومة كخسارة خالصة أو ربح خالص. ويقول في «لاعب النرد»: «مَنْ أَنا لأقول لكمْ ما أَقول لكمْ؟ (…) أَنا لاعب النَرْدِ، أَربح حيناً وأَخسر حيناً/ أَنا مثلكمْ أَو أَقلُّ قليلاً (…) مَنْ أنا؟ مَنْ أنا»؟
هذا هو السؤال الفلسطيني الذي لم يُحل.

شريط الأخبار الدرويش والحفار نسايب انخراط صندوق "أموال الضمان " في "عمرة".. زخم استثماري جديد للمشروع تعرفوا على مجموعة النشامى في كأس العالم 2026 الأردن ودول عربية وإسلامية قلقون من تصريحات إسرائيلية بشأن معبر رفح الزراعة : مهرجان الزيتون الوطني خالٍ من غش الزيت.. ونثمّن جهود الأمن العام بتنظيم الحركة المرورية بدء حفل قرعة كأس العالم 2026 6031 جمعية قائمة بموجب قانون الجمعيات النافذ - تفاصيل الأمير علي يترأس الوفد الأردني في قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن الأردن الثالث عربيا في عدد تأشيرات الهجرة إلى أميركا لعام 2024 العثور على جثة داخل منزل في الأزرق.. والقبض على الجاني 164 ألف مركبة دخلت المنطقة الحرة خلال أول 10 أشهر من العام الحالي غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية مجددا.. خلل تقني يتسبب بتعطل مواقع عالمية على الإنترنت فريق المبيعات في دائرة تطوير الأعمال في المجموعة العربية الأردنية للتأمين يحقق التارجت السنوي كاملاً والشركة تحتفي بإنجازهم عشرات الآلاف يُؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى 3 وفيات وإصابة إثر تسرّب غاز في عمان الجيش: القبض على شخصين حاولا التسلل من الواجهة الشمالية عبيدات: تقليم أشجار الزيتون يلعب دورا كبيرا في تحسين الإنتاج شهيد باقتحام الاحتلال بلدة أودلا جنوبي نابلس الجيش يحبط تهريب مخدرات بواسطة "درون" على الواجهة الغربية