نشاهد صور الآباء والأجداد، فنرى ثباتا مذهلا أمام الكاميرا، نرى عيونا مفنجرة ورقابا مشرئبة ونفسا مكتوما، ربما خوفا من تغبيش العدسة.. وبينما يختفي المصور تحت جلدة تالفة يقف الأجداد – بلا تنفّس-الى أن يخرج المصور من قفصه الجلدي بالسلامة.
كان الأجداد ينذهلون أمام تلك التكنولوجيا التي لم يكونوا يستخدمونها إلا للضرورات الملحة، ولم يحلموا يوما بأن يحمل أحفادهم هذه الكاميرات في جيوبهم مع الهواتف.
نعود الى العصر الحاضر.. الفرنجة يعشقون اكتشاف الأشياء، آخر ما توصلوا اليه هو مرض منحوه اسم (سلفيا)، وهو مخصص للمدمنين على تصوير أنفسهم بالكاميرات العادية أو كاميرات الموبايلات وما شابهها. ويعتبرون الشخص مدمنا إذا قام بتصوير نفسه أكثر من 6 صور يوميا.
الذي لم يكتشفه الفرنجة بعد هو أننا -نحن العرب- نعاني من مرض لم يعرفوه بعد، وهو تصوير الآخرين بكل دقة وتفصيل، وبدون كاميرات، وعشرات المرات يوميا.
يجلس أربعة كائنات معا، وما أن يبتعد أحدهم أو إحداهن حتى تشتغل كاميرات الشباب – أو الشابات طبعا- ويشرعون في تشريحه منذ زواج والديه حتى الغد، بكامل أنواع الصور الطبقية وأشعة إكس والرنين المغناطيسي. الغريب أنه لا تظهر معنا، في هذه الصور سوى العيوب.
هكذا نفعل أيضا عندما يبتعد الكائن الثاني. وعندما لا يتبقى سوى اثنان، يبتعد أحدهما وهو ينظر خلسة الى الخلف، خوفا من يلحقه الآخر بإشارة فحشاء.
هذه هي الأمراض التصويرية الحقّة.
هذه هي (سلفيا الأردنية بالسمن البلدي).