حظيت زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية بإهتمام بالغ على كافة المستويات المعنية بإتخاذ و صناعة القرار الامريكي في صورة عكست وتعكس عمق العلاقات التي تربط بين القيادات الأمريكية وجلالة الملك تمثلت تلك الصورة في ما تمخضت عنه نتائج اللقاءات من دعم سياسي وإقتصادي وامني للدولة الأردنية وتعزيز دورها الإقليمي .
أهمية الزيارة :
اكتسبت الزيارة أهمية من حيث :
أولا : التوقيت
ثانيا : المضمون
من حيث التوقيت :
لتوقيت الزيارة معانٍ ودلالات منها :
• أتت الزيارة الملكية بعد شهور قليلة من تولي الرئيس بايدن رئاسة أمريكا بما شهدته من أحداث وتحديات إقليمية ودولية .
• أتت في أعقاب عهد ترامب وما اتسم به من عنصرية وعنجهية وإنحياز بل إنقياد اعمى لمجرم الحرب نتنياهو وفريقه الذي ضرب عرض الحائط بالمصالح الأمريكية تلك السياسة التي إنعكست سلبا على مكانة ومصداقية امريكا لدى حلفاءها التاريخيين قبل خصومها مما رتبت على إدارة بايدن تحديات جسام تطلبت وتتطلب إتخاذ إجراءات عملية لاعادة ترميم ما يمكن مما لحق من اضرار وعدم ثقة بالدور الامريكي عالميا وبهدف إيصال رسالة واضحة لمعظم دول العالم بان سياسة ومنهجية إدارة ترامب العنصرية والإبتزازية في التعامل مع القضايا العالمية لا تعكس او تمثل باي حال توجهات الدولة العميقة .
• بعد بدء إدارة بايدن إتخاذ إجراءات تراجع عن سلسلة من القرارات التآمرية التصفوية للقضية الفلسطينية إبان رئاسة ترامب التي عبرت عنها بوضوح صفقة القرن أو ما أطلق عليها الرئيس الفلسطيني محمود عباس صفعة القرن في رسالة ينبغي للقيادات الإسرائيلية فهم مغزاها الرافض لفرض سياسة الامر الواقع المستند إلى قوة القوة العسكرية الغاشمة وما يترتب عليها من نتائج على الأرض المحتلة .
من حيث المضمون :
بلا أدنى شك احتلت القضية الفلسطينية حصة الأسد في بحث الملفات الإقليمية التي حملها جلالته لما لها من إنعكاسات وتداعيات على أمن وإستقرار الاقليم الذي يمثل الأردن مركزه الإستراتيجي .
الخطاب الملكي :
مقابلة جلالته مع قناة C N N عكست مجمل نتائج الزيارة على صعيد كافة الملفات والقضايا مدار البحث .
ساخص هنا محور الملف الفلسطيني الذي عبر وأعرب عن الرؤية والمواقف الأردنية الإستراتيجية حيال إستمرار الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة وتعنت القيادات الإسرائيلية وإصرارها على رفض تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة الداعية لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
في إستعراض لأجوبة الملك عبدالله الثاني على أسئلة الإعلامي فريد زكريا يمكننا تلخيص الموقف الأردني إتجاه القضية الفلسطينية بعدد من الثوابت الوطنية ومنها :
أولا : أن الهدف إعادة الجميع إلى طاولة الحوار بين الفلسطينيين و الإسرائيليين ذلك الحوار الموصل إلى إنهاء الإحتلال العسكري الإسرائيلي وفق جدول زمني قصير المدى . مشيرا بذات الوقت إلى أن حكومة بينيت قد لا تكون الأنسب لحل الدولتين في رسالة غير مباشرة للإدارة الأمريكية خاصة وللدول الكبرى للإطلاع بدور فاعل للضغط على سلطات الإحتلال الإسرائيلي لتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة وإنهاء إستعمارها لأراض الدولة الفلسطينية المعترف بها دوليا .
ثانيا : التأكيد على أن التصور الإسرائيلي بتجاوز القضية الفلسطينية بعد توقيع إتفاقيات مع دول عربية غير دقيق ويخفي وراءه تعقيدات كثيرة وفي ذلك رسالة بأن لا سلام وإستقرار في ظل إدامة الإستعمار الإسرائيلي المرفوض دوليا وحرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه بتقرير المصير ونيل إستقلاله وحريته وما إشارة جلالته انه للمرة الأولى منذ عام 1948 بأن هناك حربا داخل إسرائيل إلا رسالة للقيادات الإسرائيلية بأنه لا خيار أمامهم لتحقيق الأمن والسلام سوى بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس تنفيذا وإحتراما للقرارات الدولية ولميثاق الأمم المتحدة .
ثالثا : الرفض الراسخ لما يسمى مشروع الوطن البديل والتأكيد على أن خيار الشعب الفلسطيني بالعودة إلى أراضيهم في ظل دولتهم المستقلة ذات السيادة .
رابعا : تأكيد جلالته على حل الدولتين ورفض خيار الدولة الواحدة الذي يعني طرد كل الفلسطينيين من بيوتهم في الضفة الغربية وما ستسببه بإنعدام الإستقرار في الأردن الذي له الحق في إبداء رأيه كما يؤكد جلالة الملك عبدالله الثاني على الخطوط الحمراء التي اعلنها سابقا .
خامسا : التأكيد على الموقف الأردني من العمل على جعل مدينة القدس مدينة للأمل والسلام وفي ذلك تعبير عن رفض سياسة التهويد والإنتهاكات الإسرائيلية التي تمارسها سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية في القدس ورفض لمشروع الثنائي ترامب نتنياهو بضم القدس الشرقية إلى سيادة المستعمر الإسرائيلي خلافا للشرعة الدولية ولقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ولقرارات مجلس الأمن خاصة قرار رقم 2334 .
أما إشارة جلالته إلى لقاء القمة الاردني الفلسطيني الذي عقد في عمان قبل التوجه الى واشنطن مع رئيس دولة فلسطين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني السيد محمود عباس ففي ذلك رسالة راسخة للقيادة الأمريكية وللمجتمع الدولي بأن الدولة الأردنية لا تتعامل إلا مع القيادة الفلسطينية الشرعية ورمزها الرئيس أبو مازن وهي العنوان الوحيد المفوض بإبرام أي إتفاق سلام يكفل للشعب الفلسطيني حقوقه الأساس بالحرية وإلاستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم تنفيذا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. ..
هكذا هو الموقف الإستراتيجي الأردني الداعم للإستراتيجية الفلسطينية التي عرضها الرئيس محمود عباس امام المجتمع الدولي وأمام مؤتمرات القمم العربية والإسلامية والافريقية وعدم الإنحياز وأمام كافة المؤسسات والهيئات الدولية. ... ؟