يفكر المواطن الاردني بصوت منخفض كون الصوت العالي قد يُزعج المتنفذين في الدولة الاردنية، ويتساءل باحثاً عن إجابة تشفي فضوله بعد أن اصابته الكآبة من التعديلات الدائمة في القوانين والتي توفر الحماية لعلية القوم، وتمنع المواطن البسيط من الحديث بحرية وتكمم فاه عن توجيه النقد لمن قفزوا على المناصب وللذين هبطوا بمظلات الفساد، ويقول في ذاته ما هي حاجة الأردن للجنة الإصلاح السياسي، وما هي الغاية الحقيقية لإجراء تعديلات قد تكون جوهرية وقد تكون وهمية؟، والأهم من سيستفيد من التغيرات ، فهل ستصب في مصلحة المواطن العادي في بحثه عن منصب قيادي في الدولة أم ستكون مجرد طريق جديد لضمان بقاء أبناء الصفوة في مقدمة الركب.؟
وهنا تقفز تساؤلات عديدة في ذهن المواطنين حول المطلوب من اللجنة، فهل هي لجنة حقيقية أم مجرد منظر جمالي على صدر الدولة سنتهي صلاحيتها وصلاحية قرارتها قبل أن تصدر؟، فالأصل أن تكون اللجنة شمولية تبحث عن نهضة شمولية في العمل السياسي والإجتماعي وبالتالي تؤثر فعلياً على النهج الثقافي الجديد في الوطن، وستكون الكارثة إذا تم تقزيم عملها وتمحور حول إفراز مجلس نيابي بطريقة انتخابية جديدة، وهنا فإن المطلوب ليس إصلاح الحياة السياسية بل إصلاح قانون الإنتخاب، وإذا كان الأمر يختص بالحياة الحزبية المريضة في الأردن فالأصل تعديل قانون الأحزاب وصولاً لمرحلة الشفاء الحزبية، أما إذا كان الاصلاح السياسي بسبب شعور الدولة بأنها فشلت في إدارة منظومة الحريات فهذا الشعور يتولد بسبب قيامها بمعاقبة من طالبوا بهذه الحريات أو حاولوا تطبيقها سابقاً، وهؤلاء تعرضوا لضغوطات في العمل وربما دفعوا ثمناً باهظاً لهذه المواقف بالفصل أو بالضغط على ابنائهم.
وحين تم سؤال رئيس لجنة الإصلاح عن ما إذا كانت القرارات ستُطبق بأثر رجعي، وتوقعت أن ينتفض الرئيس ويقول أن القوانين ستأتي لصناعة الحريات المتساوية للجميع وسيحظى بها جميع أفراد المجتمع الأردني، كما سيتم النظر في الأحكام السابقة حول بعض من تم الزج بهم في السجون وفي مقدمتهم أعضاء مجلس نقابة المعلمين، كما ستشمل المستبعدين من الحياة السياسية الاردنية بسبب فكرهم المُتعارض مع فكر ونهج الحكومات التي أغرقت الوطن في الديون وارهقت الإقتصاد، كما أنها كممت الأفواه بشراكة حقيقية مع مجالس نيابية مريضة ومنعت الحديث بحرية بعد أن اخترعت قوانين الجرائم الإلكترونية التي رسخت للفساد وقام بحمايته، للأسف هكذا توقعت لكن لم يدر بخلدي وأنا أستمع لسؤال في المؤتمر الصحفي للرئيس إذا ما سيتم تطبيق القوانين بأثر رجعي أن الرئيس سيصمت صمت القبور ويتجاهل السؤال، وكأنه يتجاهل بناء مستقبل لمن تعرضوا للظلم في السنوات الماضية والذين كانوا السبب في تشكيل اللجنة لفشل المنظومات السياسية في السنوات الماضية بالنهوض بشكل إيجابي.
ويعتقد البعض أنه لا يوجد متضررين من القوانين الحالية، ولكن للحق إن وجوب استصدار شهادة عدم محكومية لبعض الوظائف واستمزاج رأي بعض الدوائر الأمنية يعني أن الحرية في البحث عن العمل في مرحلة متأخرة من الحريات، كما أن تكميم الأفواه مستمر ويوجب العقاب على من يتحدث وينتقد وهناك العديد من القضايا رفعتها مؤسسات بحق إعلاميين بسبب قولهم الحق، وبالتالي فإن المطلوب من لجنة الإصلاح السياسي أن توفر جو متكامل من الحريات غايته توفير مساحات كبيرة من حريات المعتقد والفكر والرأي، والأخيرة مقتصرة حالياً على بعض الباحثين عن الإستفادة من الحكومات، فينتقدون لسقف معين دون المساس بهيبة الحكومة التي قد تكون تخوض بجهل أو بعمل في هيبة الوطن، لذا فحتى نضمن سلامة الوطن من تغول الحكومات القادمة ومجالس النواب فعلى لجنة الإصلاح التركيز على أن تكون القرارات بأثر رجعي إذا أردنا التطوير والبدء بطريقة صحيحة، وإلا سنبقى نبحث عن المستقبل بين حجارة الماضي وقد نسقط بينها من إعياء البحث عن طريق الأمل.