قال المدير العام لمركز الحسينللسرطان في الأردن الدكتور عاصم منصور إن هناك تساؤلا يطرح دائما حيث يقول البعض "السرطان لم نعرفه من قبل ولم يكن موجود في أيام آبائنا"، فهل هذا الكلام صحيح؟
وأضاف الدكتور -في فيديو منشور –أن التساؤلات التي تتبادر إلى الذهن: هل السرطان مرض عصري؟ وهل عرفه الأقدمون؟ وهل من تاريخ معين يمكن أن نرجعه إليه؟
وفي الحلقة الخامسة من سلسلة حول السرطان، قال الدكتور إنه في العام 1862 اشترى عالم المصريات وجامع الخردة الإنجليزي إدوين سميث مخطوطة مصرية قديمة في حالة يرثى لها من فلاح مصري فيمدينة الأقصر.
وتمت ترجمة هذه المخطوطة عام 1930، ويعتقد أنها أقدم وثيقة طبية في التاريخ، وتعود إلى الفراعنة.
وتحتوي الوثيقة على تعليمات الطبيب المصري الشهير امحوتب الذي عاش حوالي 2560 قبل الميلاد، إذ يصف في مخطوطته العديد من الحالات المرضية بلغة عصرية.
وعندما يصل امحوتب إلى الحالة رقم 45 فإنه يصف ورمًا صلبا يصيب الثدي بحجم حبة الفاكهة، ويكون باردا عند اللمس.
ويعتقد أن هذا أول وصف لسرطان في التاريخ.
لقد أنهى امحوتب نقاشه لكل من الحالات المرضية بوصف العلاج الذي يراه مناسبا إلا في الحالة رقم 45 فإنه اكتفى بجملة "لا يوجد علاج".
بعد امحوتب غاب السرطان عن أنظار العالم تاركا المجال لأمراض أخرى أشد فتكا اجتاحت العالم وقوضت حضارات مثلالطاعونوالحصبةوالسلوغيرها، إلى أن ظهر وصف لما يعتقد أنه سرطان على لسان المؤرخ الإغريقي الشهير هورودوتس عندما أرخ لقصة الملكة أتوسا، ملكة فارس.
وأصيبت الملكة بورم في ثديها، وهو ما يعتقد أنه ما يطلق عليه حالياسرطان الثديالالتهابي.
واختارت أتوسا إخفاء مرضها عوضا عن طلب الاستشفاء، فعانت منه في معزل عن الناس فارضة على نفسها حجرا اختياريا خوفا من الوصمة بالمرض.
واستمر هذا إلى أن تمكن عبد الملكة الإغريقي ديموسيدس من إقناعها بأن يقوم بمعالجتها جراحيا، ثم يسكت المؤرخون عن مصير أتوسا فلا أحد يعلم إن كان الورم قد عاد أم أنها شفيت منه.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا "هل كان ما وصفه امحوتب سرطانا؟" و"هل ما عانت منه أتوسا كان أيضا سرطانا؟" فنحن نعلم أنه حتى في عصرنا هذا لا نستطيع أن نجزم بتشخيص السرطان ما لم ندرسه تحت المجهر ونرى تغير الخلايا، وهو أمر لم يكن متاحا وقتها.
من أين جاء الاسم؟
وبقي السرطان بلا اسم إلى أن جاء أبقراط في القرن الرابع قبل الميلاد ليعطيه اسمه الذي احتفظ به إلى يومنا هذا "cancer"، وهو مشتق من الكلمة الإغريقية"Karkinos"وتعني سرطان البحر.
أما لماذا اختار أبقراط هذا الاسم دون غيره، فهذا موضوع خلاف بين المؤرخين، فمنهم من أرجع ذلك إلى الشبه الظاهر لبعض أنواع السرطان المحاطة بالأوعية الدموية من كل جانب والتي تحمل إليها الغذاء وأسباب العيش والنمو بأرجل سرطان البحر المغروسة في رمال الشاطئ.
كما ذهب البعض إلى محاكاة قوة القشرة الخارجية للورم لصلابة جسم سرطان البحر.
وفسر آخرون التسمية بالشبه بين حركة الورم وانتقاله في الجسم بحركة سرطان البحر أو حتى كالتصاقه الشديد بالعضو المصاب تماما كما يفعل سرطان البحر.