أخبار البلد ـ أيام عمان الجميلة ،عندما كانت المياه تسيل بالأودية بغزارة ، وكانت جوانب الأودية أو السهول المحيطة بها "كما هو حال منطقة عين غزال آنذاك "تزرع بكل أصناف الخضروات ، وكانت الأشجار المثمرة كالتوت والتين والعنب تنتشر على جانبي هذه الأودية ،وهذا كان حال جانبي سيل عمان الممتد من رأس العين " أو رأس النبع كما كان أهل عمان يسمونه "، وحتى منطقة المحطة وعين غزال وصولاً إلى منطقة الرصيفة، التي كانت تنتشر بها المتنزهات.
المياه الصافية في سيل عمان كانت وسيلة لأبناء المدينة من أجل ممارسة رياضة السباحة ... فقد كنا نتجمع يومياً خلال الصيف "وننزل" الى السيل نمارس السباحة، ونقيم مباريات التحدي في هذه الرياضة الجميلة ،خاصة ان أغلبنا لا يملك المال الكافي للذهاب الى فندق "فيلادلفيا" الذي كان يقع بالقرب من المدرج الروماني ، وتم هدمه فيما بعد بفعل الأيادي الطارئة على عمان.
لقد كانت برك المياه التي يصنعها شباب عمان من خلال وضع الاحجار في منتصف السيل لحجز المياه لتكوين هذه البرك المكان الوحيد الذي نستطيع فيه ممارسة رياضتنا .
في ذلك الزمن كانت مياه سيل عمان صافية والقلوب صافية ....... لكن فرخ "ابو ذنيبة" كان ينغص على من يمارسون هواية السباحة نشاطهم ، فهو ينتقل بطريقة سريعة من بين الطحالب العفنة والحجارة المنتشرة على جوانب البرك الى منتصفها ، وخلال حركته السريعة يعلق بالسباحين ما يعيق حركتهم ونشاطهم ، لأن السباح يتقزز من وجوده بالقرب منه ، أو لانه أحيانا كثيرة يعلق به ، ما يؤدي الى إعاقت حركته وإفشاله ،حيث يأخذ السباح وقتاً للتخلص من أبو ذنيبة الذي له رائحة كريهة.
كانت عمان جميلة لولا "ابو ذنيبة"، الذي عكر صفو مياهها.
وبعد سنوات يبدو أن ابو "ذنيبة " لم يعد ذلك الفرخ المؤذي في مياه سيل عمان الصافية ، بل تسلل الى كل مكان في حياتنا ... وهو يتخذ إشكالاً متعددة في العمل السياسي وفي الإعلام وفي الاقتصاد ، بل أن كل اللجان التي تعنى بحل مشاكلنا مهما كانت لا بد لك أن تجد "ابو ذنيبة" كالقدر مفروض عليك بفعل فاعل ومدعوم بمنشطات تبقيه حياً حتى لو أخرجته من المياه .
المصيبة أن "أبو ذنيبة" لم يعد وحده ينغص علينا حياتنا بل يشاركه الآن، الدرص والفرغل والخنوص والدبي والخوقع والذر.................. ولم تعد فضيحة وجودهم تحرك شيئا، وكأنها أصبحت مادة تخدير للمواطن والحكومات بدلا من أن تكون مادة حث وتحفيز للتحرك من أجل التخلص منهم، حتى لو فرضتهم الايادي الخفية.
والسؤال المطروح الان أما آن لنا أن نتنبه لإنتهازية "أبو ذنيبة وشركائه" ...... أما آن لمؤسساتنا أن تتوقف عن تقديم الدعم من نفخ إعلامي وسياسي لمجموعة "ابو ذنيبة ".
إن حالنا يقول أن " أبو ذنيبة " سيبقى ينغص علينا حياتنا ، ما دامت بعض مؤسساتنا ترى النور من خرم إبرة وليس من الشمس كحقيقة ساطعة في هذا الكون ، فالطارئون لايبنون الدول، وأهل التهليل والتطبيل لا يختلفون عن "ابو ذنيبة وشركائه"، فهل نحذر ونتدبر قبل أن يقع "الفأس بالرأس".