تتميز ذكرى الإستقلال الخامسة والسبعين أنها تتوج مرور مائة عام على تأسيس الدولة الاردنية التي شهدت ولم تزل تشهد على الأصعدة الداخلية والخارجية تحديات جمة على صعيد الجبهة الداخلية من النواحي السياسية والإقتصادية والاجتماعية كما تشهد اخطار وتحديات سكرية وأمنية لما يحتله من موقع جيوسياسي جعله ويجعله في قلب الحدث الإقليمي وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية منذ فرض الانتداب البريطاني على فلسطين إنتهاءا بالإعلان عن ولادة الكيان الصهيوني الإستعماري على فلسطين عام 1948 .
العام الأول من المئوية الثانية :
العام الأول من المئوية الثانية لتاسيس الدولة الأردنية هو في ذات الوقت العام الأول من الربع الرابع للمئوية الأولى من إستقلال المملكة الأردنية الهاشمية مما يتطلب الإعداد والعمل الحقيقي لمواجهة كافة التحديات تمهيدا لإنطلاقة جادة وسريعة لترسيخ منعة ووحدة الجبهة الداخلية التي تمثل تعزيز قيم المواطنة والعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان إحتراما لالتزامات الاردن الدولية وتنفيذا لما تضمنته الاوراق النقاشية لجلالة الملك عبدالله الثاني وذلك لتمكين الأردن من أداء دور ريادي قيادي على الساحة الإقليمية والدولية تجسيدا للمكانة التي يستحقها .
تحديات ذات أولوية :
كتب التكليف الملكي للحكومات المتعاقبة حددت بوضوح اولويات وعناوين التحديات التي تواجه الأردن ولم ترى سبيلها للتنفيذ لاسباب وعوامل منها :
أولا : غياب الإرادة لدى شريحة متنفذة سياسيا وإقتصاديا لتحقيق إصلاحات حقيقية سياسية وإقتصادية وإجتماعية كفيلة بتجاوز التحديات دفاعا عن نفوذهم و مصالحهم .
ثانيا : تقاعس السلطتين التنفيذية والتشريعية عن ترجمة مضامين الأوراق النقاشية لجلالة الملك الى تشريعات .
ثالثا : المحاربة الشكلية للفساد إلاداري والمالي وبكافة أشكاله خلافا لكتب التكليف الملكي التي تدعو لاجتثاث الفساد .
رابعا : إصدار قوانين ساهمت برفع نسبة الفقر والفقر المدقع كقانون ضريبة المبيعات وقانون المالكين والمستاجرين على سبيل المثال .
خامسا : قوانين الإستثمار الطاردة لجلب الإستثمارات الكبرى بل الطاردة للمستثمر الأردني مما ساهم في رفع نسب البطالة والبطالة المقنعة .
الإصلاح المنشود :
عملية الإصلاح بعناوينه السياسية والإقتصادية المؤدية إلى تعزيز المسيرة الديمقراطية والتنمية الاقتصادية البشرية باتت أكثر إلحاحا لعوامل داخلية أكثر منها خارجية لما لها من دور حاسم في تحصين منعة ووحدة الجبهة الداخلية .
تعديل أم تغيير للتشريعات الناظمة :
سؤال يتردد في أذهان شرائح واسعة من المواطنين ومن القوى السياسية على حد سواء مفاده هل الأردن معني بإجراء تعديلات شكلية أم إحداث تغيير حقيقي في جوهر التشريعات والقوانين الناظمة للحياة السياسية والإقتصادية ؟
بالتأكيد الأردن كما يؤكد دوما جلالة الملك معني بإحداث ثورة تشريعية في القوانين الناظمة للحياة السياسية والاقتصادية القائمة دون تردد أو تاخير لتعزيز وكفالة مشاركة المواطنين الحقة في القرارات التي تمس حقوقهم وحياتهم ومنها :
أولا : قانون الإنتخاب :
يمثل قانون الإنتخابات أهمية كبرى كيف لا وهو ذلك القانون الذي ينتج إحدى السلطات الثلاث وهي السلطة التشريعية المعنية باصدار تشريعات تحقق وتكفل مصالح الغالبية العظمى من الشعب وليست خدمة لمصالح شريحة متنفذة وبالقدرة على مراقبة أداء السلطة التنفيذية وهذا يتطلب العمل على إصدار قانون إنتخابي مستقر يكفل المبادئ الأساسية للمعايير الدولية وعلى رأسها عدالة التمثيل وتمكين المواطن من الإنتخاب على أسس برامجية بعيدة عن الإنتخاب على أسس ومعايير فردية .
ثانيا : قانون الأحزاب :
يعد قانون الاحزاب من أهم التشريعات الناظمة للعمل السياسي المنظم التي يتطلب تعديلها جوهريا من حيث ضمان حرية التأسيس وإستقلالية عملها والإعلان بشفافية عن ميزانياتها بشكل دوري ربعي او نصفي خلال السنة المالية .
ثالثا : قانون الجمعيات :
لقانون الجمعيات أهمية لا تقل عن أهمية قانون الأحزاب فهو المنظم لعمل مؤسسات المجتمع المدني التي يقع على عاتقها دور هام إيجابي في خدمة المجتمع و من خلال تشكيل قوة حشد ضاغطة كل في مجال تحقيق أهدافها وفق آليات عمل سلمية مما يعني ضمان إستقلالية عملها وتاسيسها .
قوانين الناظمة لحرية التعبير والتجمع :
قانون الاجتماعات العامة وقانون المطبوعات والنشر وقانون الحق بالحصول على المعلومات تشكل بمجموعها منظومة قانونية متكاملة لا تنتظم حياة ديمقراطية دون أن تكن مكفولة دستوريا وقانونيا طالما ان وسائلها سلمية لما تعنى به من تمكين المواطن من ممارسة حقوقه الأساس كحرية الحق في التعبير والنشر والتجمع والحصول على المعلومات .
اما الإصلاح الاقتصادي يتطلب تعديلات جوهرية تشريعية شاملة للقوانين المتعلقة بالشان الاقتصادي تكفل تحفيز الإستثمار الوطني والخارجي وهذا يتطلب إزالة كافة المعوقات القانونية إنما وردت تحت عنوان التنظيم والمغالاة في توفير المتطلبات .
ولا بد أن تشمل التعديلات الجوهرية من تخفيض الضرائب المباشرة وغير المباشرة على المستثمر والمواطن على حد سواء وخاصة قانوني ضريبة المبيعات والمالكين والمستاجرين.
خطوات عملية لإنجاز الإصلاحات :
كما قال جلالة الملك عبدالله الثاني أمس أن الإصلاح ليس شعارات ولترجمة رؤية جلالة الملك إلى واقع يلمسه الشعب الأردني فإنني أدعو الحكومة اولا ومجلس الامة ثانيا للعمل على :
أولا : لترسيخ مبدأ وقيم المواطنة كما وردت في الأوراق النقاشية لجلالته بات من الضرورة تعديل المادة ٦ من الدستور بإضافة" في " إلى المادة ٦ لتصبح " الأردنيون في القانون وأمام القانون سواء...".
ثانيا : إصدار قرار باعتماد العهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية التي صادق عليها الأردن كجزء لا يتجزأ من التشريعات الأردنية.
ثالثا : ترسيخ سيادة القانون المعبر عن مصالح الغالبية العظمى من مكونات الشعب الأردني دون إنتقائية.
السياسة الخارجية :
القضية الفلسطينية كانت وستبقى الأولوية القصوى للاستراتيجية الأردنية وما الموقف الأردني بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بدعم القيادة الفلسطينية برئاسة رئيس م ت ف السيد محمود عباس في نضالها الوطني لإنهاء الإستعمار الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وبالشراكة العملية في التصدي وإجهاض مخططات مجرم الحرب نتنياهو وإدارة ترامب الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية ما هي إلا نماذج حية للدعم الأردني الذي عرضه لضغوطات سياسية وإقتصادية لم يتم تجاوزها حتى الآن .
التنسيق السياسي الموحد للقيادتين الأردنية والفلسطينية كنواة لتحرك عربي ودولي ضاغط على سلطات الإحتلال الإسرائيلي العنصرية لالزامها إنهاء إحتلالها الإستعماري تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية مرآة عاكسة لعمق العلاقة الفلسطينية الأردنية الإستراتيجية.