حذر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان من خطر "الفصل العنصري (الأبارتهايد) طويل الأمد في إسرائيل، في حال فشل الفلسطينيون في الحصول على دولتهم"، وهي الكلمة الأفريكانية التي تشير إلى تفوق البيض.
تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جاءت خلال مقابلة أجراها مع صحيفة لو فيغارو الفرنسية قال فيها: "إنها المرة الأولى، وهي تظهر بوضوح أنه إذا كان لدينا في المستقبل حل غير حل الدولتين؛ لكان لدينا مكونات فصل عنصري طويل الأمد".
الهواجس التي باح بها لودريان تمثل على الأرجح هواجس الطبقة السياسية والنخبة لا في فرنسا وحدها بل في اوروبا قاطبة التي واجهت موجة عارمة وعالية من الاحتجاج على الإجرام الصهيوني والعدوان المقترن بإجراءات عنصرية تذكّر بنظام الأبرتهايد في جنوب افريقيا.
موجة عجزت فرنسا وألمانيا عن وقفها رغم الإجراءات القمعية؛ إذ اجتاحت شوارع باريس وبرلين وسائر المدن الفرنسية والالمانية؛ تظاهرات واحتجاجات ونشاطات تواصلت حتى ساعة كتابة هذه المقال، رغم محاولات الحظر والمنع والقيود التي وضعتها الحكومتان الألمانية والفرنسية.
وفي ضوء الاحتجاجات العارمة في القارة الاوروبية وفشل الماكينة الإعلامية والأمنية بسبب موجة التعاطف التي تميزت بأنها "موجة واعية"؛ يمكن فهم تصريحات وزير الخارجية الفرنسي لودريان لصحيفة لوفيغارو؛ إذ أمكن ملاحظة مناقشة مفردة الأبارتهايد في خطاب الساسة الأوروبيين والخشية من التصاقها بالكيان الإسرائيلي لو مرة بهذا الوضوح، فالموجة المتعلقة بتجريم الكيان باتت أكبر من ساسة أوروبا ورغباتهم الكامنة في الدفاع عن الكيان ودعمه.
هاجس تكرر المشهد في جنوب افريقيا يسيطر على ساسة أوروبا، إذ تحولت مواقفهم الداعمة للأبارتهايد حينها لفضيحة أحرجت ساسة أوروبا وعرّت الكثير منهم، ما تخشاه النخب الاوروبية التي بات بعضها يحاول وضع مسافة أمان للمستقبل بينه وبين الكيان، أو على الاقل اقتراح حلول يعلم أنها لن تحظى بقبول الكيان الاسرائيلي.
ختاما.. بات من الممكن أن تكبر موجة الإدانة الشعبية في أوروبا للكيان؛ لتتفوق على ممانعة الساسة الاوربيين ومؤسساتهم الرسمية في المستقبل القريب، فثمة عجز عن كبح موجة الاحتجاج والتجريم الآخذة في التصاعد في المجتمعات الاوروبية للكيان، والتي باتت تشابه الموجة التي فرضت روايتها التي أطاحت بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ملحقة به الهزيمة بعزلة شعبيا ورسميا، ومحاصرته بشكل ساعد على تفكيكيه وإنهاء خطره إلى غير رجعة.