المزاج الغاضب من الحكومات في السنوات الأخيرة أصبح معتاداً. قد يكون الغضب مبرراً أحياناً في ضوء ظروف الناس الاقتصادية وحالة الإحباط التي تهيمن بفعل كورونا وتداعياتها وعدم القناعة ببعض العناوين السياسية في الحكومات وخاصة الوزراء الذين تحملهم التوازنات الاجتماعية والديمغرافية وغالباً ما يشكلون عبئا على الحكومة ورئيسها ومصدر توتير الشارع وهي حقيقة لا يمكن تجاهلها وانكارها ولكنها قدر الأردن.
لا يمر يوم دون أن يواجهنا سيل من الإشاعات حول الحكومة الحالية ومستقبلها. ونادراً ما يمر تصريح أو موقف لرئيسها دون أن يخضع لتفسيرات وتأويلات عديدة تطال الرئيس نفسه بشكل قاس، هناك من يقيلها صباحاً ويعدلها مساء، القسوة والاستهداف يكاد يشعرنا أن الدنيا كانت «قمراً وربيعا» وجاءت حكومة بشر الخصاونة لتغير حالنا. وهذا حكم ظالم مناف للموضوعية.
في التعاطي مع الأداء الحكومي وتقييم أي حكومة يجب أن يقرأ الإنجاز في إطار المهمات التي أوكلت لها في كتاب التكليف السامي وفي بيانها الوزاري الذي تقدمت به لمجلس النواب ونالت على أساسه ثقة ممثلي الشعب وهو الأساس الذي تعتمده أي حكومة تحترم نفسها وتلتزم بالدستور وتحاكم على أساسه لأن الدستور والتقاليد والأعراف السياسية تقول بذلك.
الحكومة ومنذ اليوم الاول لتشكيلها دهمتها الموجة الأولى من كورونا ووجدت نفسها أمام تحد مُلح لا تتقدم عليه أولوية وهو التعامل مع كارثة كورونا ورفع كفاءة الجهاز الطبي وهو ما ورد صراحة في الإشارة الملكية لها في كتاب التكليف. ولا أخال منصفاً ينكر جهدها الذي لا تخطئه عين في رفع كفاءة الجهاز الطبي بشكل لم تشهده المملكة خلال عقود وفي وقت قياسي.
الأهم هنا حملة التطعيم ضد كورونا والحكومة تسابق الزمن للوصول لرقم مريح يساهم في الوصول لصيف آمن للعودة للحياة شبه الطبيعية أوائل تموز المقبل وهو ما ينكره بعض من لا يريد أن يرى الحقيقة إلا بعين واحدة.
الانتخابات النيابية جرت في موعدها بالرغم مما قيل فيها وفي ضرورة التريث في إجرائها فالكل يعلم أن التعديلات الدستورية التي جرت في العام 2011 لم تعط خياراً لتأجيلها، فكان لا بد مما منه بد وهو العمل على توفير كل السبل حكومياً لإجراء الانتخاب التزاماً بالدستور. أما أي غمز ولمز بسلامة أو نزاهة الانتخاب فالنقد وسهام الاتهام لا توجه لحكومة الخصاونة بل توجه للهيئة المستقلة للانتخابات في حال وجود ما يثبت ذلك وعبر القضاء.
إقرار الموازنة العامة للدولة المحكومة بمديونية عابرة للحكومات هي المفصل الثاني في الاشتباك مع مجلس النواب وقد عبرته الحكومة بعجز بالحد الأدنى. وهو قابل للزيادة بالرغم من انها تجنبت قدر المستطاع الاغلاقات على ما يحمل ذلك من مخاطرة. وسعت للموازنة بين الصحي والاقتصادي. ولكننا في النهاية أمام مديونية وصلت لحاجز سبعة وأربعين مليار دولار لا يعقل أن تلقى مسؤوليتها على حكومة عمرها ستة أشهر وجاءت في ظروف استثنائية ولم تتوسع في سياسة الاقتراض إلا في سياق مواجهة كورونا.
من مصلحتنا في الأردن استقرار الحكومات حتى تنجز ما يطلب منها دون أن ننسى أننا نواجه تحديات سياسية أبرزها الاحتلال الإسرائيلي الذي يهدد بسلوكه العدواني مستقبل الاستقرار في المنطقة بما في ذلك مصالح الأردن الاستراتيجية.
حتى لا يقال إننا نرى بعين واحدة لعل الواجب أن نقول صراحة إن جزءا من المتاعب وتهييج الرأي العام ومن يتصيد الفرص لحسابات كثيرة ضد الحكومة ورئيسها هو سلوك بعض الوزراء فيها سواء من لا يتريث في الحديث وإعطاء التصريحات أو من يغيب عن المشهد كلياً بحثاً للسلامة بينما يترك للرئيس مواجهة كل هذه الأصوات الناقدة والمشككة والمعيقة وهي تسجل للرئيس وحده.