أخبار البلد -
اخبار البلد ـ موسى حوامدة
سَنُسوي البحرَ جيشًا
والغيمَ سَدًا
ولحمَنا ملاجئ
وَنسوي الماءَ عاصفةً
تراتيلَ نصرٍ
وندفعُ ظُلمةَ الشاطئ.
نُعيدُ الزهوَ إلى لون البرتقال
والنورَ إلى وجه الضحايا
كي لا تُواري الحقيقةُ وجهَها في التيه
وتصغي لسوء النوايا.
اجلسي هنا أيَّتُها الغائبةُ عنَّا
نحنُ لونُ وجهِك النقيِّ
فلا هروبَ من سطوة الشمس
ومعنى الحكمة القديمة
وتفسيرِ الجَّلالين
ونبوءاتِ البساتين والجدَّات الراحلات.
نُسوي رموزَهم فتاتًا وشظايا
وصوتَ الرملِ شعرًا
السماءَ صدى قصائدنا
البيوتَ قلوبَنا
والشهداءَ أشجارًا
وندى
ونسوي الضيقَ متسعًا
ونرفض أن نهادن.
نسوي المدى
حدودًا
والفضاء حديدًا
ومعادن.
نُسوي لَحمَنا الحيَّ بلادًا
أحلامَنا وطنًا
ذكرياتِنا حاضرًا
وغدًا.
ونُديرُ وجهَ الشمسِ صوبَ الأُفْقِ قليلاً
نغسلُ صدأَ المفاتيح
بحريرِ دَمِنا
ونلغي سُمومَ الريّ
في حقلِهم الرعويّ.
نُعطي الفضاءَ جزيلَ الشكر
ونمنحُ المُحبينَ بيارةً للصَّبرِ..
بكينا كثيرًا على دروب التأويل
ولم ترأفْ بحالنا آلهاتُ الشر.
تزوَّجنا الأرضَ
بعنا قلوبَنا للسماء
ولم ترأفْ بحالِنا الطُّقوس
والمنافي.
نسوي لحمَنا خنادق
دفاترَ أطفالنا حدائق
أصابع الجميز فدائيين
وعيوننا ستارا.
ونَحزنُ إذ نقصفُ بلادَنا هناك
فهي أجدادُنا
..ذكرياتُنا
لكنَّها حكمةُ الرموز تفرُّ من كتب الطغاة إلينا
ونُعيد ترتيب الصفات
والصفحات
نعيد الخاتمة.
خذْ بيدِنا يا إلهَ اليَّهود
يا إلهنا الحيَّ
يا إله الجنود
ولا تُخفِ وجهَكَ خشيةَ الجدل
كنْ عادلاً مرةً
واخفضْ صوتكَ لنعرفَ رقصةَ الحَجل
وأولَ الطريق إلى الجليل
رعشةَ الأقدامِ تَسْري إلى رفَّة الجبل
ودرب المسيح إلى آلامه.
نسوي البحرَ ملاذًا
والطيورَ صواعقَ
وكلّما داهَمنا الحبُّ في تشرين
فتحنا حدودَ الألم
مرَّغنا وجهَ العَجْز في طينِ يأسِنا
حديدَ بأسِنا
انتَصَرْنا على الموت
انتصَرْنا عَلى دودِ الأرض
على حرائقِ الضمير
على خيانةِ التاريخ
ورموزِ الكهنوت.
انْتَصَرْنا
قليلاً
ولسوفَ نَنْتصر
لم نحلمْ بحقِّ الضحية في إبادة الخصوم
نحلم بالغناء فوق جنازات العابرين بلا أثر
ستنضم فلولُكم لجموع الغزاة
وتعدادِ المارين فوقَ صدورِنا العارية
تكبرُ بياراتنا
كما تكبر حبات القمح
تكبرُ تلك النطف
كي تروي للغد
بعضَ الجراح
تروي كثيرًا من الزلل
وقليلاً من الأمل.
لم نسقط كثيرًا عن المألوف
تشتتنا مليونَ شظية ومخيم
ظلّ طينُ الأرضِ يغري لحمنا بالعناق
عناقاً مع الأرض يعلو الشهيد منا
عناقاً مع الروح يطفو دمنا على وجه السماء
ملائكياً يحاورُ سبعَ سماوات
ويهبطُ بنا
إلى ذاكرة العشب
ذاكرة التين والزيتون
ذاكرة القشِّ الغَزيّ
وشارعِ (عمرِ المُختار)
و(تلِّ الهوى)
وأبراج الحمام.
نسوي لحمَنا وطنًا
دموعَ أمهاتِنا خنادق
قبورَ أطفالِنا مُعجزاتٍ
وأيديهم بنادق.
نسوي كلَّ حبةِ رملٍ بلدًا
نقسمُ باسمِ الفَجرِ
باسم الله
أننا عشاقُ فلسطين
طيورُ النصر فوقَ رُكامِ الحرائق.
سَنُسوي البحرَ سدًا
نسوي الغيمَ جندًا
لحمَنا خنادق
نُسوي الأرضَ بُركانًا
تراويدَ نَصْرٍ
وأغصانَ الليلِ بنادق.
كتَبنا على دَرَجِ البَحر
على حيطان الصبر
أسماء البنات
وأسماء الأمهات
صورَ اللُّجوءِ والنزوحِ والنكبات
علَّقنا في سَقفِ السماء
خارطةَ فلسطين
وأسماءَ القرى
وأسماء الشهداء.
سنسويّ البحرَ أرضًا
والحواجزَ نارًا
نسوي الصفيحَ سدودًا
والعصافيرَ قنابلَ
وبلحمنا العاري
بدمعِ أطفالِنا
بجوعِنا الضاري
بأحلامِ موتانا
نقاتل.