نأمل بقوة ان لا يحدث ذلك، لكننا نتوجس خيفة من قرار قد يصدر هذا الاسبوع بإلغاء الانتخابات الفلسطينية! وهي مقررة للمستويات الثلاثة البلدية والنيابية والرئاسية. ستكون ضربة مؤلمة لأفضل وأجمل ما توافقت عليه القوى الفلسطينية لإنهاء الانقسام. وكما قال نبيل شعث فقد تقرر أن تكون الانتخبات طريقا للوحدة الوطنية وليس الوحدة الوطنية طريقا للانتخابات. لقد تأجلت الانتخابات كثيرا بذريعة الانقسام لكن المقاوضات بقيت تدور في حلقة مفرغة فلا احد يتخلى عن السلطة طواعية ولذلك كان الحل المنطقي الأخير هو العودة الى الشعب وصناديق الاقتراع. الانتخابات ستجدد شرعية المؤسسات والحكومة وتنعش الحياة الوطنية وتشحن الروح الكفاحية وتعزز صورة الفلسطينيين وتعيد شدّ انتباه العالم لقضيتهم العادلة وحقهم في التحرر من الاحتلال.
حجّة التأجيل ستكون بسبب منع الاحتلال اجراء الانتخابات في القدس. والسلطة ألزمت نفسها بأنه لا انتخابات بدون القدس لأن التسليم بإستثناء القدس من الانتخابات هو تسليم بصفقة القرن وبقاء القدس عاصمة موحدة للاحتلال. وهذه ذريعة واهية فالسلطة يمكن ان تصر كل لحظة على الانتخابات في القدس وتخاطب الهيئات الدولية بهذا الحق وتجعلها معركة ضد باطل الاحتلال وستعلن عن صناديق ومراكز اقتراع في القدس يتوجه لها الفلسطينيون الا اذا منعتهم سلطات الاحتلال واحتلت مراكز الاقتراع وصادرت الصناديق فيكسب الفلسطينيون نقطة قوية لقضية القدس ذاتها. لكن الحقيقة ان التأجيل اذا وقع فسيكون بسبب خلافات فتح الداخلية وانقسامها على اكثر من قائمة والخوف من الخسارة وابعد من ذلك الخوف من انتخابات رئاسية ينافس فيها القائد الأسير مروان البرغوثي الرئيس عباس.
في الحقيقة وكما كتبنا منذ فترة نزول اكثر من قائمة لفتح في اطار نظام «التمثيل النسبي للقوائم الوطنية» ليس سيئا، ذلك ان فتح هي تنظيم فضفاض جدا لا ينضبط الى قوانين داخلية محكمة واللاصق لأعضاءه ومناصريه هو مصلحة التواجد في قوّة كبرى مهيمنة. ولما كانت قائمة فتح الواحدة للانتخابات ستقصي كثيرين و لن تتسع لكل الطامحين يصبح نزول قائمتين او ثلاثة هو الحل لاستيعاب كل القاعدة الانتخابية ناهيك عن حلّ مشكلة الإقصاء التي طالت قيادات سياسية غير راضية عن الخط والأداء الرسمي للسلطة. وسيكون بمثابة استفتاء او انتخابات جانبية على شعبية ونفوذ كل جناح في فتح يعطي صورة واقعية عن موازين القوى ويحقق تمثيلا عادلا لكل طرف. الى جانب قائمة فتح الرسمية - العاصفة (العالول والرجوب) هناك-قائمة الحرية ( البرغوثي والقدوة) وقائمة المستقبل (المشهراوي ونسيبة) والمدعومة من محمد دحلان . والمهم عمل اتفاق «جنتلمان» على تجنب التشهير والإساءة المتبادلة والمرجح ان قوائم فتح مجتمعة ستحصل على أصوات اعلى من حماس والتيار الوطني عموما اعلى من التيار الاسلامي لكن سينتهي تفرد مجموعة بعينها بالسلطة. لا نقلل من خطر الهدر وتفتت الأصوات مع العدد الوافر من قوائم المستقلين. ولو فطن المشرع الفلسطيني لكان ممكنا ادخال نص في النظام الانتخابي عن إئتلاف القوائم وتجيير الأصوات حتى لا تهدر الأصوات تحت نسبة الحسم وهي تهدد أيضا قوائم اليسار الذي فشل في تشكيل قائمة موحدة ( شعبية، ديمقراطية، المبادرة، حزب الشعب، فدا).
لقد رأينا نسبة الاقبال الرائعة من الشعب ( 94%) للتسجيل للانتخابات وهي تأتي في أجواء مؤاتية جدا بعد سقوط ترامب وصفقة القرن لاعادة تأهيل البيت الداخلي الفسطيني وانهاء الانقسام واستعادة الق القضيه الوطنية لهذا الشعب العظيم. لكن .. سيكون مؤسفا جدا وقف كل ذلك والعودة لنقطة الصفر!