مؤسف حقا أن البعض ما زال يشكك في وجود مؤامرة على الاردن من خلال عدم تصديق الرواية الرسمية، المتعلقة بالاحداث التي جرت الاسبوع الماضي ، والمؤسف اكثر أن هذا البعض يحاول شيطنة الدولة والشعب في سبيل دفاعه عن وجهة نظره الرافضة لهذه الرواية، التي عانت وتعاني من الحرج في شرح تفاصيل القضية بسبب وجود أحد افراد الاسرة الملكية ضمن ما أصبح يعرف بقضية "الفتنة" الى الحد الذي يتم فيه تكذيب كل ما قيل حول مجريات التحقيق .
وعليه يبدو أن هذا البعض سيستمر في حملاته ضد الدولة بكل اركانها ، ومع ذلك فأن المطلوب اليوم أن تقوم الحكومة ومن منطلق الشفافية بإطلاع الشعب على مجريات التحقيق أولا بأول، على قاعدة أن ما يهمنا هو الداخل وليس أي نعيق مشكك في الخارج أو حتى في الداخل،وأيضا ومن واقع الحال في البلاد على الحكومة بكافة أجهزتها أن تطلق حملة إصلاحية ترقى الى الانذار الجدي والناقوس المدوي في مجال إعادة هيكلة الدولة على أسس جديدة تستجيب لمصالح الشعب من تحقيق العدالة الى وقف النزيف في موارد الدولة ، والاسراع في وضع قانون للانتخابات وقانون للاحزاب ، ومحاربة الفساد المالي والاداري ، ووضع القوانين التي تحمي العملية السياسية من تدخلات الاجهزة الحكومية ،واصلاح القطاع الاقتصادي الخاص منه قبل العام ،وتحديد سقوف لرواتب المدراء وأعضاء مجالس الادارة العاملين فيه ،ووقف التدهور في التعليم العالي خاصة في مجال سهولة الحصول على شهادات الدكتوراه من الجامعات المحلية أو الخارجية ،وإصلاح التعليم بما يستجيب لمتطلبات التطور الاجتماعي قبل التطور التكنولوجي ، حيث ان منظومة القيم الاجتماعية تحتاج الى دراسة واعية نتيجة للاهمال الذي أصابها بسبب غياب متابعة فاعلة من قبل الحكومات المتعاقبة .
قبل أكثر من أسبوع كتبت مقالا تحت عنوان "العشرية الاخيرة أزمة منظومة وليست ازمة نظام " وكان ذلك قبل أيام من الكشف عن المؤامرة ومن واقع ما أعيش أنا وغالبية الاردنيين، فأن المشكلة حقيقة هي مع تلك المؤسسات التي يتعامل معها المواطن حيث الفوقية أو التغول أو الاستهتار أو اللامبالاة أو الاهمال وغير ذلك من مصائب تلامس حد الجناية بحق المواطن والوطن وبخاصة مع توسيع هامش التعيينات على أساس مناطقي أو جهوي أو عائلي، بحيث أن بعض البيوتات أصبح الاشقاء فيها يشكلون "جمعية وزراء " ، أو مدراء أو رؤساء مجالس إدارات ،او كبار مسؤولين لهذا الجهاز او ذاك ، وبنفس الوقت فأن عشائر وعائلات كبرى أو صغرى لا تجد من أفرادها وزيرا أو عضوا في مجلس الاعيان ،أو موظفا كبيرا او حتى موظفا بدرجة خاصة ، أو عضوا في مجلس النواب بالرغم من الترشح والشعبية لهذا المرشح، لكن سياسة الاقصاء على قاعدة المحسوبية التي تم ويتم انتهاجها، هي من يدفع باخراج هذه العشائر والعائلات من حسابات الدولة ، الامر الذي ترك ويترك غصة عند غالبية من ابناء الوطن .
الاردنيون يلتفون حول القيادة الهاشمية ،وهم لم ولن يتخلوا عن بيعتهم لجلالة الملك عبد الله ، بالرغم من محاولات التشويه التي تقوم بها بعض الجهات الهامشية ، والتي وفرت لها الحكومات المتعاقبة اسلحة تطعن بها خاصرة الوطن والمواطن من خلال الاداء السيء لمنظومة ادارة الدولة على مدى طويل من السنوات ، وخاصة في قطاع الاعلام الرسمي الذي يترنح عند اعتاب المشكلات والقضايا دون ان يكون فاعلا .
اليوم يجب أن تعمل مؤسسات اركان الممثلة بالاعيان والنواب والحكومة والقضاء والاحزاب والقوى والشخصيات السياسية والنقابات ،على تقديم مشروع هيكلة للدولة الاردنية في إطار الدستور ،يحقق كل ما يتطلع له المواطن إبتداء من تحقيق العدالة بين المواطنين الى تحديث القوانين بما يخدم هذا المبداء وينسجم مع حرية المواطن وينسجم أيضا مع حقه في المشاركة بصناعة القرار، مما يريح مؤسسة العرش من تحمل المسؤوليات عن كل أخطاء وخطايا الحكومات أو بعض الوزراء والمسؤولين في الاجهزة الحكومية .
Zazzah60@yahoo.com