تتلكأُ الجنازة
لعلَّها تصغي لضميرِ صاحبها
ينهضُ شَبحُ الطريق واقفًا
يمدُّ ظلالَه نحو المُشيِّعين
..توقفوا ...توقفوا...
لم يشرب الميْت كأسَ الحياة بعد
ولم يتثاءبْ في كفنِه النُعاسُ
ظَلِّلوا قلبَه برقة النرجس
امنحوه بعض الطمأنينة
هناك لن يتوارى عنكم الظلام
يدخل قلب العائدين من مقبرة الوحشة
سكون .......سكون...........سكون............................................................................
صوتُ غرابٍ مبحوح يهمس للغبار
الوحدة أكثر فتكًا
الطريق سحيق
النوم ندبة في جبين الكلمات.
توقف أنت أيها ..
لا تقرأ على رأسي هذه الكلماتِ المريضةَ
لا تفترض أنك الوسيط للصراط
كل الموتى مؤمنون
ونحن الأحياء الطغاة
الحزن طيب القلب حين يكون حرًا مثل نعش حر
الدموع بريئة تهمي على ذراع الزيزفزن
ونحن نمسد إليةَ الرعب بأصابع الخوف
من خطيئة آدم الأولى
ما الذي اقترفناه لتدفع بنا يد التأويل صوب النجاة
ما الذي فعلناه قبل أن نولد لنعاقب بالرأفة
ما الذي جنيناه على أبنائنا كي تكون نطفُنا هلاكًا مبينًا
وعرانيس وقت ناشفة
تنهيدة...... تتسع في صدى الفقد
يدٌ تقترب من جبهة الطوطم المصاب بالكآبة
تثور كائنات الروح
تموت كائنات الروح
تعوي ذئاب المسرة
تموت ذئاب المسرة
نفرح نضحك نحزن نبكي نصرخ نصمت نحيا ونحيا ونحيا ثم نموت بينما الأشجار تودع زوجَها الهواء
تنحني ربة الصخب
تدير لنا وجهها السري
تومئ لنا
تضحك وتضحك حتى نصير حطبًا من عظام اللاذكريات
تشبُّ بنا الخديعة
تجرنا من تلابيب حسرتنا
تشعل فينا نار التوبة
لا تحرسنا من شيء
ولا تمنحنا شيئًا
سوى بقايا ظلالنا
في الجحيم
هنا نحيا بلا جثث
في النعيم لا نرى أجسادنا الخَرِبة تتمشى بزهو الطواويس
أرهقتنا السنوات
مزقتنا
الحكمة أشلاء وعداوات ..
اضحكي أيتها الغيمة
قلبي يودُّ عناق السماء
اضحكي يتها الأسارير
أحلم بغواية سرية لا تضاهيها المعجزات
اضحكي أيتها الجنازة
من الدَّهانُ الذي طلى وجهَ الموت بالقتام
اضحكي..ربَّ ألوان لم تدركها النعوش
لم تجد القصيدة معنى للحياة
لم تجد معنى للموت
تطيل الوقوف عند الوداع
في محطة السفر البعيد
لا يحتمل الشعر رداء السرد
أو حبكة المسرح
حرًا سيمضي
بلا جدوى
ولا بداية.