رابع زيارة لمناطق السلطة منذ قيامها، اثنتان منها لغزة... وثاني زيارة لرام الله... والأولى في عهد الرئيس محمود عباس... هذه هي التراتبية الزمنية للزيارة المهمة والمفاجئة، التي قام بها الملك عبدالله الثاني إلى العاصمة المؤقتة لدولة فلسطين العتيدة... فما هي دوافع الزيارة وأهدافها من منظور أردني، وفي هذا التوقيت بالذات؟.
وفقاً للمصادر الأردنية، فإن الزيارة سعت في تحقيق جملة أهداف: أولها إبقاء جذوة القضية الفلسطينية مشتعلة، ومنعها من الانطفاء تحت “غبار” الانتفاضات والثورات... ثانيها، تدعيم موقف السلطة السياسي في مواجهة هبوب الريح العاصفة من إسرائيل ودوائر اليمين الأمريكي... ثالثها: إعادة تسليك قنوات الدعم المالي والاقتصادي للسلطة، والتي تبدو غير “سالكة” تماماً، سواء مع المانحين العرب أو الأجانب، وبالأخص في ضوء تفاقم سياسة الابتزاز الإسرائيلية التي تقوم على التجويع والعقوبات الجماعية واحتجاز أموال الضرائب، فضلاً عن مواقف الكونغرس الأكثر تطرفاً من الكنيست ذاته، إلى غير ما هنالك.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الأجندة الأردنية، تبدو حافلة في قادمات الأيام، بسلسلة من الأنشطة، التي تسعى في تحقيق الأهداف الثلاثة المذكورة، بدأها الملك في لندن مع ديفيد كاميرون، وسيواصلها في سلسلة من اللقاءات والاتصالات التي سيجريها مع قادة عرب وأجانب، ما استوجب التنسيق مع القيادة الفلسطينية ابتداءً... من هنا جاءت زيارة الدعم والإسناد... من هنا جاء توقيت القمة الفلسطينية واختيار مكانها.
اللافت أن زيارة الملك لرام الله، جاءت قبيل أيام قلائل فقط، من اللقاء المنتظرة بين الرئيس عباس وخالد مشعل، وهو اللقاء المقرر له أن يضع اللبنة الأخيرة في مدماك المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية... الملك في هذه الزيارة، أبدى دعمه لهذا الخيار، والدعم الأردني هذه المرة يبدو مختلفاً عن المرات السابقة، في ضوء التطورات الإيجابية التي طرأت على ملف العلاقة الأردنية – الحمساوية في الأسابيع القليلة.
وفي هذا السياق، نعتقد أن الزيارة واللقاء، كانا بمثابة رسالة تطمين قوية للرئيس عباس والسلطة والمنظمة، مفادها أن العلاقة النشطة مع حماس، لن تكون بحال من الأحوال، على حساب العلاقة مع “الشرعية الفلسطينية”، وأن الأردن ما زال على موقفه الذي لا يعترف إلا بالمنظمة (واستتباعاً السلطة) كممثل شرعي للشعب الفلسطيني.
على أن الزيارة في المقابل، لن توقف التوجه الأردني لتطبيع العلاقة مع حماس، وإقامة علاقات متوازنة مع مختلف الأفرقاء الفلسطينيين، كما تؤكد المصادر الأردنية... لقد غادرت السياسة الأردنية مربع الانحياز التام لفريق من الفلسطينيين، والمؤكد أنها ليست بصدد تغيير تحالفاتها، أو نقل بندقيتها من كتف إلى كتف... المقاربة المتوازنة، هي مطلب غالبية الأردنيين، وهي موقف الدولة في الفترة الأخيرة كما عبر عن ذلك غير مسؤول أردني، وفي غير مناسبة.
والحقيقة أن زيارة الملك إلى رام الله، تأتي في غمرة جدل وطني فلسطيني محتدم، حول الخيارات والبدائل التي يتعين على المنظمة والسلطة اتباعهما، لمواجهة انحباس عملية السلام وانسداد آفاق الخيار التفاوضي، وخسارة أول جولة من جولات طلب الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المنبثقة عنها، وهو جدل يذهب في كل اتجاه، من دون أن تصل القيادة الفلسطينية بعد، إلى لحظة الحسم واتخاذ القرار وبلورة البدائل، والأهم من دون أن تنجح حتى الآن، في بناء توافق وطني حول استراتيجية المرحلة المقبلة.
الأردن، رسمياً، ما زال يؤمن بالمفاوضات خياراً لحل القضية الفلسطينية، هذا الموقف يلقى صدى عند أوساط فلسطينية في رام الله، تزداد إنكماشاً وتراجعاً... لكنه من الوجهة الرسمية، ما زال خيار السلطة، وإن أتبعته بجملة شروط كوقف الاستيطان واعتماد مرجعية الرابع من حزيران أساساً لـ”حل الدولتين” الذي يؤيده الأردن بقوة.
لكن مشكلة الموقفين الرسميين، الأردني والفلسطيني على حد سواء، أنهما يفتقران لكل الأدلة والبراهين التي تمكنهما من تسويغ هذا الموقف وتسويقه... فإسرائيل تفتقد لقيادة مؤهلة للقيام بدور الشريك في هذه العملية... وليس في الأفق المنظور، ما يشي بأن المجتمع الإسرائيلي قادرٌ على إنتاج مثل هذه القيادة... والحكومة الإسرائيلية الحالية، ائتلافاً وبرنامجاً ليس لديها من مشاريع سوى التوسع الاستعماري/ الاستيطاني، وتعطيل حل الدولتين، وجعل قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، أمراً مستحيلاً.
مشكلة المقاربة الرسمية الأردنية والفلسطينية على حد سواء، أنها تفتقر “للوسيط الأمريكي النزيه” في هذه العملية، فواشنطن أظهرت المرة تلو الأخرى، أنها جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل... وأنها بانحيازها الأعمى للدولة العبرية، تقف عقبة في وجه “السلام” و”المفاوضات” و”حل الدولتين” وفرص قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، تجسد حق الشعب الفلسطيني المقدس، في الحرية والاستقلال، وتؤسس لالتحاق فلسطين بربيع العرب.
الأردن وفلسطين، مطالبان اليوم أكثر من أي وقت مضى، بصياغة “الخطة ب”، أو إخراجها من الأدراج إن كانت موجودة فعلاً... و”الخطة ب” التي نتحدث عنها، لا تقترح القفز من فوق موائد التفاوض إلى خنادق الحرب والقتال... بل تنهض على بدائل إبداعية، وفّر ربيع العرب، الكثير من مفرداتها ومنهجياتها... بدءاً بالمصالحة وإعادة بناء منظمة التحرير وتحرير طاقة الشعب الفلسطيني الكفاحية الجماهيرية السلمية، في الوطن والشتات... عندها، وعندها فقط، يمكن للتفاوض أن يكون ذا مغزى، ويمكن للاحتلال أن يدرك أن كلفة بقائه أعلى بكثير من كلفة رحيله... ومن دون ذلك، سنبقى نسلك الطريق المسدود ذاته، متوقعين أن نصل إلى نهايات مختلفة... فهل هذا ممكن؟.
وفقاً للمصادر الأردنية، فإن الزيارة سعت في تحقيق جملة أهداف: أولها إبقاء جذوة القضية الفلسطينية مشتعلة، ومنعها من الانطفاء تحت “غبار” الانتفاضات والثورات... ثانيها، تدعيم موقف السلطة السياسي في مواجهة هبوب الريح العاصفة من إسرائيل ودوائر اليمين الأمريكي... ثالثها: إعادة تسليك قنوات الدعم المالي والاقتصادي للسلطة، والتي تبدو غير “سالكة” تماماً، سواء مع المانحين العرب أو الأجانب، وبالأخص في ضوء تفاقم سياسة الابتزاز الإسرائيلية التي تقوم على التجويع والعقوبات الجماعية واحتجاز أموال الضرائب، فضلاً عن مواقف الكونغرس الأكثر تطرفاً من الكنيست ذاته، إلى غير ما هنالك.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الأجندة الأردنية، تبدو حافلة في قادمات الأيام، بسلسلة من الأنشطة، التي تسعى في تحقيق الأهداف الثلاثة المذكورة، بدأها الملك في لندن مع ديفيد كاميرون، وسيواصلها في سلسلة من اللقاءات والاتصالات التي سيجريها مع قادة عرب وأجانب، ما استوجب التنسيق مع القيادة الفلسطينية ابتداءً... من هنا جاءت زيارة الدعم والإسناد... من هنا جاء توقيت القمة الفلسطينية واختيار مكانها.
اللافت أن زيارة الملك لرام الله، جاءت قبيل أيام قلائل فقط، من اللقاء المنتظرة بين الرئيس عباس وخالد مشعل، وهو اللقاء المقرر له أن يضع اللبنة الأخيرة في مدماك المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية... الملك في هذه الزيارة، أبدى دعمه لهذا الخيار، والدعم الأردني هذه المرة يبدو مختلفاً عن المرات السابقة، في ضوء التطورات الإيجابية التي طرأت على ملف العلاقة الأردنية – الحمساوية في الأسابيع القليلة.
وفي هذا السياق، نعتقد أن الزيارة واللقاء، كانا بمثابة رسالة تطمين قوية للرئيس عباس والسلطة والمنظمة، مفادها أن العلاقة النشطة مع حماس، لن تكون بحال من الأحوال، على حساب العلاقة مع “الشرعية الفلسطينية”، وأن الأردن ما زال على موقفه الذي لا يعترف إلا بالمنظمة (واستتباعاً السلطة) كممثل شرعي للشعب الفلسطيني.
على أن الزيارة في المقابل، لن توقف التوجه الأردني لتطبيع العلاقة مع حماس، وإقامة علاقات متوازنة مع مختلف الأفرقاء الفلسطينيين، كما تؤكد المصادر الأردنية... لقد غادرت السياسة الأردنية مربع الانحياز التام لفريق من الفلسطينيين، والمؤكد أنها ليست بصدد تغيير تحالفاتها، أو نقل بندقيتها من كتف إلى كتف... المقاربة المتوازنة، هي مطلب غالبية الأردنيين، وهي موقف الدولة في الفترة الأخيرة كما عبر عن ذلك غير مسؤول أردني، وفي غير مناسبة.
والحقيقة أن زيارة الملك إلى رام الله، تأتي في غمرة جدل وطني فلسطيني محتدم، حول الخيارات والبدائل التي يتعين على المنظمة والسلطة اتباعهما، لمواجهة انحباس عملية السلام وانسداد آفاق الخيار التفاوضي، وخسارة أول جولة من جولات طلب الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المنبثقة عنها، وهو جدل يذهب في كل اتجاه، من دون أن تصل القيادة الفلسطينية بعد، إلى لحظة الحسم واتخاذ القرار وبلورة البدائل، والأهم من دون أن تنجح حتى الآن، في بناء توافق وطني حول استراتيجية المرحلة المقبلة.
الأردن، رسمياً، ما زال يؤمن بالمفاوضات خياراً لحل القضية الفلسطينية، هذا الموقف يلقى صدى عند أوساط فلسطينية في رام الله، تزداد إنكماشاً وتراجعاً... لكنه من الوجهة الرسمية، ما زال خيار السلطة، وإن أتبعته بجملة شروط كوقف الاستيطان واعتماد مرجعية الرابع من حزيران أساساً لـ”حل الدولتين” الذي يؤيده الأردن بقوة.
لكن مشكلة الموقفين الرسميين، الأردني والفلسطيني على حد سواء، أنهما يفتقران لكل الأدلة والبراهين التي تمكنهما من تسويغ هذا الموقف وتسويقه... فإسرائيل تفتقد لقيادة مؤهلة للقيام بدور الشريك في هذه العملية... وليس في الأفق المنظور، ما يشي بأن المجتمع الإسرائيلي قادرٌ على إنتاج مثل هذه القيادة... والحكومة الإسرائيلية الحالية، ائتلافاً وبرنامجاً ليس لديها من مشاريع سوى التوسع الاستعماري/ الاستيطاني، وتعطيل حل الدولتين، وجعل قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، أمراً مستحيلاً.
مشكلة المقاربة الرسمية الأردنية والفلسطينية على حد سواء، أنها تفتقر “للوسيط الأمريكي النزيه” في هذه العملية، فواشنطن أظهرت المرة تلو الأخرى، أنها جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل... وأنها بانحيازها الأعمى للدولة العبرية، تقف عقبة في وجه “السلام” و”المفاوضات” و”حل الدولتين” وفرص قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، تجسد حق الشعب الفلسطيني المقدس، في الحرية والاستقلال، وتؤسس لالتحاق فلسطين بربيع العرب.
الأردن وفلسطين، مطالبان اليوم أكثر من أي وقت مضى، بصياغة “الخطة ب”، أو إخراجها من الأدراج إن كانت موجودة فعلاً... و”الخطة ب” التي نتحدث عنها، لا تقترح القفز من فوق موائد التفاوض إلى خنادق الحرب والقتال... بل تنهض على بدائل إبداعية، وفّر ربيع العرب، الكثير من مفرداتها ومنهجياتها... بدءاً بالمصالحة وإعادة بناء منظمة التحرير وتحرير طاقة الشعب الفلسطيني الكفاحية الجماهيرية السلمية، في الوطن والشتات... عندها، وعندها فقط، يمكن للتفاوض أن يكون ذا مغزى، ويمكن للاحتلال أن يدرك أن كلفة بقائه أعلى بكثير من كلفة رحيله... ومن دون ذلك، سنبقى نسلك الطريق المسدود ذاته، متوقعين أن نصل إلى نهايات مختلفة... فهل هذا ممكن؟.