اخبار البلد - لو أن جهة متخصصة في تعطيل الاستثمار عكفت على تعطيله في الأردن، ما كانت لتتقن ذلك كما فعلت الحكومات كافة. هذا ما تخلص إليه بعد ما تشاهد الفيديو الذي بثه معالي وزير الاستثمار عن واقع الاستثمار في الأردن.
وصف الوزير واقع الاستثمار بأنه «واقع صعب»، فلا رؤية واضحة، ولا استراتيجية فاعلة، والامتيازات المقدمة للمستثمرين وحوافز الصادرات الوطنية ضعيفة، مرتبة الأردن في ممارسة أنشطة الأعمال بكليتها متأخرة، ونافذة الاستثمار الموحدة غير نافذة وبدون صلاحيات، وكلف الإنتاج من ضرائب ورسوم ومواد خام وطاقة ونقل مرتفعة، ناهيك عن تقلب التشريعات، وغياب ثقافة استثمارية تقدر قيمة الاستثمار لدى أكثر مؤسسات وموظفي القطاع العام، إضافة إلى ضعف السوق المالي، وضعف التشاركية بين القطاع العام والخاص.
وقد أصاب معاليه كبد الحقيقة – وهذا ليس بجديد- عندما انتهى إلى أهمية الإنتاج والاستثمار باعتباره المنقذ الوحيد لمعالجة الفقر والبطالة وإنقاذ الاقتصاد، ونوه بوضوح لأهمية ودور القطاع الخاص، ذلك القطاع الذي تتم شيطنته منذ زمن بدعوى أنه طريق الفساد وعنوان غياب العدالة في البلد، رغم أنه الرافد الرئيس لموازنة الدولة، بينما الصيت للمساعدات الخارجية، ولهذا كانت شراكة الحكومات مع القطاع الخاص زواج مسيار؛ تسعى إليه الحكومات وتتعاون معه فقط عند الحاجة وبشكل غير مؤسسي.
إن إعادة الثقة بالقطاع الخاص، وإعادة ثقة القطاع الخاص بمؤسسات الدولة ضرورة لازمة، فقد وصلنا إلى أن المستثمر الأردني نفسه، بما في ذلك أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فقدوا الثقة وأرهقت كاهلهم القرارات والسياسات الحكومية المعطلة للاستثمار، ومن ذلك – على سبيل المثال فقط – السياسات والقرارات المتعلقة بالعمالة والعمال والتي قد تؤدي – لا سمح الله- لبطالة أصحاب العمل إضافة لبطالة العمال.
خطة معالي الوزير للنهوض بالاستثمار خلال ستة أشهر، خطة نظرية عقبتها الأساسية إيجاد التمويل «الحيز المالي» اللازم لتحقيق تلك الخطة، وبعيدا عن «تكسير المجاديف»، ومع تقدير جهد معاليه إلا أن معالم الخطة التي عرضها وقعت أيضا في ذات الخطأ التاريخي في التعامل مع الاستثمار باعتباره جزيرة منفصلة لقطاع محدد أو لفئة محددة من الأعمال، الواقع والتجربة يعلمانا أن النهوض بالاستثمار هو نهوض بالسياسات الاقتصادية وبالقطاع العام كله، وضمن خطة وطنية عامة.
ولهذا وعلى أهمية إعطاء وزير الاستثمار صلاحيات الرئيس، ليصبح «الوزير الرئيس» في موضوع الاستثمار، فإن المطلوب لإنقاذ البلاد والعباد، هو مفهوم «الرئيس الوزير»، أي أن يكون رئيس الوزراء وزيرا للاستثمار، وجميع الوزراء كأنهم أمناء عامون معه للنهوض بالاستثمار، وبعبارة أوضح، أن تكون الحكومة حكومة إعادة الحياة للاستثمار، فتكون نفسها نافذة ومظلة موحدة للاستثمار، بما يقتضي ذلك من وضع موظفين مدربين يؤمنون بأهمية الاستثمار والقطاع الخاص وتشجيع الإنتاج الوطني، وبما يتطلبه ذلك من تخصيص كل موارد الدولة لإحياء الاستثمار، واقتصاد الإنتاج ودعم القطاع الخاص. بغير ذلك سوف تخلق نافذة أو مظلة مرتبة مهندمة تطل على واقع بيروقراطي مرير. أرجوكم الإصلاح شمولي وليس جزئيا، والإصلاح الشمولي البطيء أفضل من عمليات التجميل الجزئية، ولا مانع من خطوات مرحلية عاجلة على أن يكون أي منها جزءا من خطة شمولية وطنية متكاملة.
رسالة جلالة الملك إلى مدير المخابرات العامة في بعدها الاقتصادي فيها توجيه واضح لمؤسسات الدولة عموما والحكومة خصوصا مفادها: أن تحفيز الاستثمار والاقتصاد المنتج، ودعم بيئة الأعمال والقطاع الخاص أصبحت مسألة أمن قومي تماما مثل الأمن السياسي والعسكري فهل من مستمع جنابك؟!.
فيديو وزير الاستثمار
أخبار البلد -