اخبار البلد - لم یعد السؤال الیوم حول قدرة الصین على احتلال موقع قیادة العالم؟ السؤال الذي یتوجب طرحھ حول رغبة
الصین في ذلك؟
التكلفة التي ستترتب على ذلك والعائد المتوقع؟ وأخیراً الحسابات الصینیة التي من الصعب أن یتم
فھمھا إلا من خلال العقلیة الصینیة التي تبقى إلى حد ما غیر متیسرة الفھم حتى بالنسبة للمتخصصین في مجال
.العلوم السیاسیة والعلاقات الدولیة
قیادة العالم مفھوم أمیركي نوعاً ما، فالأمیركیون تمتعوا لفترتین من الزمن بإمكانیة وضع شروطھم على الطاولة
بالطریقة التي لا تجد أمامھا أي دولة فرصة للمقاومة الحقیقیة للرغبات الأمیركیة، الفترة الأولى كانت بعد الحرب
العالمیة الثانیة وحتى أزمة السویس 1956 حین أعلن السوفییت أنفسھم قوةً دولیةً تتدخل فیما ھو أبعد من سعي
الأحزاب الشیوعیة للسلطة في الدول في محیطھا الحیوي، مثل كوریا الشمالیة، أما الفترة الثانیة فكانت من انھیار
جدار برلین 1989 إلى أحداث أیلول 2001 ،وبعد الفترة الأولى كان الاتحاد السوفییتي وتمكنت أمیركا من
استنزافھ حتى وجھت الضربة القاضیة مع برنامج حرب النجوم المكلف دون فائدة حقیقیة، وبعد الفترة الثانیة
.صعدت الصین، ویبدو أن الأمر مختلف تماماً
بدأ التحرش بالصین مع دخول الرئیس ترمب للبیت الأبیض، ولكن الظروف كانت مغایرة، فالاستدراج الذي بدأه
ریجان مع بریجینف والضربة القاضیة مع جورباتشوف، لا تبدو قابلة للتكرار، فالرئیس ترمب الطارئ على عالم
السیاسة یواجھ في بكین الرئیس شي جین بینغ الذي بدأ حیاتھ السیاسیة في السبعینیات من القرن الماضي، ونشأ في
أسرة قریبة من القرار السیاسي في الصین، وبینما كان ترمب یقع في فخاخ التعجل والتوتر كان بینغ یظھر ھادئاً
.ومسیطراً لیتمكن من استیعاب فخ وباء الكورونا الذي أغرق ترمب في المقابل
ھل ترغب الصین في قیادة العالم؟
یبدو البحث أولاً عن تعریف لقیادة العالم من منظور الصین أمراً أساسیاً، والعلاقات الصینیة التي تركز على
الاستثمار والشراكة لا تبدو مھتمة بفرض الرؤى السیاسیة على أي دولة شریكة وبخاصة في افریقیا، ومع ذلك،
فإن مسألة قیادة العالم یمكن أن تصبح قدراً على الصین لا تمتلك رفاھیة الاختیار أمامھ، فالعلاقات الدولیة تبدو
لوھلة وكأنھا تشبھ الطبیعة أي تكره وترفض الفراغ، والصین التي تحاول أن تبني معادلات واقعیة وعملیة مع
العالم ستجد المشكلات والقضایا والنزاعات والتحالفات على عتبة الباب، ولكن السؤال المتبقي یتعلق بمدى استعداد
.الصین لمرحلة قادمة، والمفارقة أن السؤال یمكن أن یتخذ بعداً ثقافیاً أكثر مما ھو اقتصادي في المستقبل القریب