استقبال رئيس الوزراء بشر الخصاونة لمجلس النقابات المهنية يوم الاثنين 18/1/2021، يُعيد تصويب العلاقة بين المؤسستين: بين الحكومة والنقابات، بعد قطيعة، حالة جمود، مظاهر كمون، أو يقظة ترصد غير ودية تم وراثتها من آثار نتائج التعامل مع النقابتين: 1- الأطباء، 2- المعلمين، للانتقال عبر هذا اللقاء، كما قيل من قبل الطرفين، نحو ضرورة التعاون وتحمل المسؤولية، من كليهما وفق صلاحياته ومتطلبات عمله وأولوياته، فالتحديات الاقتصادية والوبائية وآثارهما المحلية له وقع مدمر على حياة الأردنيين، مما يتطلب أرقى أدوات التعامل، وتعميق مظاهر التفاهم، وتجنب القطيعة والصدام، فالوجع يجتاح أغلبية شرائح المجتمع الأردني، وفي طليعتهم قطاعات العمل الخاص من الصناعيين والتجار والمستشفيات والجامعات وقطاع السياحة، إضافة إلى صغار الموظفين والفقراء.
النقابات المهنية تُمثل أولاً: الطبقة الوسطى لدى المجتمع الأردني، قليلاً منهم أوضاعه مريحة، وقليلاً دون ذلك، ولكن أكثر من نصف مليون مهني من الأطباء والمهندسين والمحامين والزراعيين والبيطريين والكتاب والصحفيين، هم قادة المجتمع الأردني، ومحركوه، وأبرز أدواته للتطور والنمو والإدارة، يواجهون تحديات اقتصادية صعبة.
ثانياً شكلت النقابات المهنية طوال فترة الأحكام العرفية، في غياب مجلس النواب ومنع الأحزاب السياسية، وقبل استرداد شعبنا لحقوقه الدستورية عام 1989، شكلت النقابات طوال تلك الفترة، العنوان الوطني الأبرز المعبر عن سياسات ومصالح ورؤى القطاع الأوسع من الأردنيين، فتصدت لتغول السلطة التنفيذية المنفردة، مثلما تصدت للتطرف السياسي، وأرست علاقات وطنية متوازنة وقاعدة للعمل السياسي، وحاضنة للأحزاب القومية واليسارية والإسلامية، وعنواناً لجهدها وتنظيمها، وقد برزت قياداتها: سليمان الحديدي وإبراهيم بكر وإبراهيم أبو عياش وحسن خريس وعبدالرحيم عمر ومحمود الكايد وغيرهم من الذوات الوطنية ذات الحضور والقيمة والتوجه التقدمي.
ثالثاً أرست النقابات المهنية عقلية وتقاليد قيم تداول السلطة، وعدم الاستئثار بالموقع، فالقوانين النقابية تمنع التغول ورئاسة النقابات لأكثر من دورتين انتخابيتين، مما يدفع باتجاه التعود على ضخ دماء جديدة من القيادات النقابية الشابة ذات الطموح والتفاني، ومن خلالها تم امتلاك الخبرة والوعي وتقاليد العمل الجماعي، ومنها ومن خلالها الانتقال إلى العمل السياسي المباح والمعلن.
رابعاً إضافة إلى أن النقابات باتت بيوت خبرة مهنية، ولكنها حاضنة للعمل الحزبي والسياسي وإفرازاً له.
لهذا كله تبرز أهمية اللقاء بين رئيس الحكومة وعدد من الوزراء مع رؤساء النقابات وقياداتهم المنتخبة، مما يعكس الإقرار بمكانة النقابات المهنية كمؤسسة متقدمة من مؤسسات الدولة الوطنية، وبالتدقيق في القضايا المثارة من قبل النقابيين التي تجاوزت المطالبة بتلبية الاستحقاقات القانونية لإجراء الانتخابات لنقابات انتهت ولاية قياداتها العام الماضي، والباقي تنتهي ولاياتها هذا العام، إلى بحث قضايا الحريات العامة، وقانون الانتخاب لمجلس النواب، ومعالجة أزمة نقابة المعلمين، والوضع الاقتصادي الصعب، ومواجهة كارثة وباء الكورونا، يؤكد أن رئيس الحكومة التقى حقيقة مع قيادات الطبقة الوسطى للمجتمع الأردني، والذي سيتابع ذلك بزيارته المقبلة إلى مجلس النقابات المهنية.