لا تلھث وراء السلام، وعلیك أن تكتفي باتفاقات الھدنة. لاننا اذا ركضنا وراء السلام فان العرب سیطالبوننا»
بالثمن، والثمن ھو تحدید الحدود او عودة اللاجئین او الاثنین معا». ربما تلخص ھذه النصیحة، التي وجھھا (أبا
إیبان) إلى (بن غوریون) أثناء حرب 1948 ،الفكر الصھیوني المعتمد مع الفلسطینیین والعرب حتى الیوم. فعلى
اختلاف الحكومات الإسرائیلیة المتعاقبة، لم تقم أي منھا بتطبیق أي اتفاق سلام یقضي إسرائیلیا بالإنسحاب من
.الأراضي
في ھذا السیاق، فإن «صفقة القرن» كان ھدفھا تدمیر أي تنفیذ لتطلعات فلسطینیة في الحریة والاستقلال وإقامة
الدولة الفلسطینیة، واستبدالھا-وبقوة الاحتلال-بصیغة ظاھرھا حل الصراع وباطنھا استعماري توسعي. ومع رحیل
راعي وعراب «الصفقة» الرئیس الأمیركي (دونالد ترمب)، ھا ھي الدولة الصھیونیة تسعى جاھدة لاقتناص أي
.(بند/ فرصة من «الصفقة» وتطبیقھ على أرض الواقع فوراً قبل تولي الرئیس الجدید (جون بایدن
من فضائل «صفقة القرن» وما كشفتھ إسرائیلیا أنھا أثبتت بما لا یدع مجالا للشك أن «إسرائیل»، حكومات
وأحزابا ومجتمعا، ترفض قبول السلام مع الفلسطینیین وبالتالي مع العرب. فھي مھما جملت مشروعھا، سیبقى
مشروعا استعماریا/ «استیطانیا"/ إحلالیا، مع استبعاد «حل الدولتین»، وإلغاء إقامة دولة فلسطینیة، وتكریس ما
ھو قائم على الأرض والذي رسختھ «إسرائیل» طیلة عقود على قاعدة «حكم ذاتي محدود» في بعض أجزاء
الضفة الغربیة زائد قطاع غزة. ولعل الانفضاح الأكبر یتجسد الآن في علنیة موقف (بنیامین نتانیاھو) الراھن،
المصمم على رفض بل قتل «حل الدولتین»، على عكس موقفھ في «مؤتمر ھرتزیلیا» یومھا حین أعلن قبولھ بمبدأ
.(الدولتین تحت وطأة ضغوط إدارة الرئیس (أوباما
لقد كشفت «الصفقة» المواقف الإسرائیلیة، على اختلاف مواقعھا وأیدیولوجیاتھا، تجاه الوعي السیاسي الصھیوني
الأصلي والتاریخي الذي یرى الصراع مع العرب وجودیا ولا نھایة لھ، وأن المفاوضات والموتمرات لا علاقة لھا
بما یجري على الأرض. فالیوم باتت النوایا الصھیونیة أوضح من واضحة. فخطة الضم الإسرائیلیة مستمرة إذ
یجري، عملیا، ضم تدریجي وثابت لأراضي الضفة بحیث طاولت حتى المناطق «ج» المعروف أنھا مخصصة
للدولة الفلسطینیة التي ستقوم إلى جانب «إسرائیل». وھا ھي ھذه الأخیرة تكرس سیطرتھا المدنیة والأمنیة علیھا،
بل تسعى بدأب، عبر التطھیر العرقي إلى تقلیص عدد الفلسطینیین الذین یعیشون فیھا، مانعة أي تنمیة أو بناء
ضروریین للسكان الفلسطینیین الأصلیین. وعلیھ، ومع كل بیت فلسطیني یتم ھدمھ، تبدو الرسالة قاطعة
.«للفلسطینیین: «مكانكم لیس ھنا
في جوھر السیاق ذاتھ، بانت النوایا تجاه القدس الشرقیة التي لم یعد لھا وجود في حمأة مخططات الاستعمار/
«الاستیطان» التي بدأت دولة الاحتلال تعلن عنھا توالیا، وبالذات منذ الإعلان عن «صفقة القرن»، بل وازدادت
وتیرتھا بشكل مخیف منذ ھزیمة (ترمب) في الانتخابات. كذلك، ظھر التوافق الإسرائیلي بشأن اعتبار حل الدولتین
مجرد «وھم» كما صرح (نتنیاھو)، ما یؤكد استراتیجیة الیمین والیمین المتطرف لسرقة كامل الأرض الفلسطینیة
.على امتداد الضفة الغربیة
من «فضائل» صفقة القرن!!!
أخبار البلد - أخبار البلد-