ما من شك أن الأردن قد تحمل ما لا يطاق خلال فترة ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب والتي ما كادت تنتهي حتى ظهرت بوادر انفراج نسبي في العلاقات الأردنية الأميركية بفوز الرئيس جون بايدن الذي يبدو متفهما ومدركا لمكانة الأردن ودوره في إقليم الشرق الأوسط، كبلد يعاني من ضعف موارده المالية، ومع ذلك يتمسك بموقفه المبدئي بشأن قضايا المنطقة، ومحاربة الإرهاب، وعدم التسليم بالأمر الواقع فيما يخص حل الدولتين الذي يعطي للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على أرضه بعاصمتها القدس الشريف، وفي الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والحفاظ على المسجد الأقصى المبارك مصلى للمسلمين غير قابل للتقسيم الزماني أو المكاني.
رغم كل الضغوط رفض الأردن قرار إدارة الرئيس ترامب نقل سفارة بلده إلى القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل، ورفض خطة ضم الغور، وعبر عن انزعاجه الشديد من وقف الدعم الأميركي للأونروا، واحتج بصورة حازمة على جميع محاولات تلك الإدارة لتهميش الأردن، وعدم الإصغاء لصوته فيما يتعلق بالأخطاء الفادحة التي يرتكبها ترامب وفريقه في البيت الأبيض تجاه مصالحه، وتجاه مستقبل ومصالح شعوب المنطقة.
هذا نوع من الضغوط التي يمكن أن يعرض المصالح العليا للخطر، ومع ذلك فغالبا ما تتجاهله النخب التي تركز انتقاداتها على الشأن الداخلي، وكأنه معزول عن الشأن الخارجي، الذي كان السبب الرئيس في تعطيل مصالحنا الاقتصادية مع دول الجوار العربي، وغير ذلك كثير مما عانى منه لفترات طويلة، نتيجة الصراعات التي تتدخل فيها قوى إقليمية ودولية، مما لم يعد خافيا على أحد!
نحن اليوم أمام معادلة صعبة للغاية، خاصة إذا لم نتفق على تحديد المخاطر التي تهددنا، ولا على الأولويات التي نحتاجها لمعالجة واقعنا المحلي، ولا على عناصر القوة التي نملكها لفرض مكانة ودور الأردن بغض النظر عن طبيعة القوى التي حاولت إضعافه، ومحاصرة قيمه ومبادئه السياسية التي يعبر عنها، ورغم ذلك فإن بعض ما قد صبر عليه الأردن على وشك الانفراج قريبا، ولكن مزيدا من الوعي والتضامن الوطني، والثقة بالنفس، بات أمرا ضروريا وحاسما لكي ندرك نحن وليس الآخرين تلك المكانة، فنرسخها ونعظمها ونبني عليها.