خدمة العلم بصيغتها الجديدة، تحتاج في الشق الثاني منها الى تفصيل يوضح الفائدة الحقيقية وليس النظرية التي سيحققها الملتحقون ببرنامج التدريب المهني.
الحكومة تقول ان العودة لخدمة العمل تستهدف غير العاملين ممن تقع اعمارهم بين الخامسة والعشرين والتاسعة والعشرين من فئة الذكور إلا انها تريد حل مشكلة بطالة هؤلاء وبواقع خمسة عشر الف شاب في السنة.
وكي لا نُتهم باننا نضع العصي في الدواليب نعتبر ان قرار الحكومة خطوة ايجابية واحدة على طريق حل مشكلة البطالة الطويل والشاق لان هذه المشكلة في وطننا اصبحت مزمنة بسبب اتباع سياسة الترحيل من قبل الحكومات الراحلة على سنوات عديدة شبعنا فيها كلاماً دون اي فعل، كان القصد منه محاولة اقناعنا بجدية بيانات الحكومات وبرامجها عند التشكيل ولولا البطالة وحل الدولتين ورفع مستوى معيشة المواطنين لما وجدت الحكومات عناوين وشعارات لبياناتها.
البرنامج الذي اعلنت عنه الحكومة سبق وان تم اللجوء اليه في العام 2005 دون ان يتم تقييم علمي لتلك التجربة لتعرف الحكومة ويعرف المواطن مدى نجاعة تلك التجربة كي يتم تلافي اسباب الفشل والبناء على عناصر النجاح وتطويرها للاستفادة منها في التجربة الجديدة التي يجري العمل على مباشرتها.
بالنسبة للشق الاول المتمثل في التدريب العسكري لمدة ثلاثة اشهر في معسكرات الجيش والامن، هناك اجماع على اهميته بل هناك مطلب بأن يكون هذا التدريب الزامياً لكل خريج بغض النظر عن مسألة العمل والبطالة، فنحن بحاجة الى شدشدة براغي بعض الشباب لاخراجهم من هوة الميوعة والركاكة الوطنية والدينية واللغوية مما ابعدهم عن ابجديات المواطنة الصحيحة.
اما على صعيد التدريب المهني فانا شخصياً لم التق خريجاً واحداً من الذين تدربوا في مؤسسة التدريب المهني او برنامج التدريب والتشغيل الذي جُرب عام 2005 يعمل في ورشة ميكانيك او ورشة بناء او على حسابه الخاص وكل الذين نتعامل معهم عندما تحتاج الى خدماتهم تدربوا على ايدي من سبقوهم في المهنة وعندما سألت ذات يوم احد المسؤولين عن مؤسسة التدريب المهني عن مكان وجود خريجي المؤسسة لم يكن لديه اجابة مقنعة.
على اية حال فان تلك المهن قد عفا عليها الزمن الى حد ما وان التغير فرض انواعاً جديدة من المهن يجب ان تتم مراعاتها طالما اننا نؤمن بمتطلبات السوق لتأمين فرص عمل للشباب كهدف مُعلن للعودة الى تطبيق خدمة العلم بالصيغة الجديدة.
متطلبات سوق العمل تعرفها الحكومة ولا داعي للاجتهاد والتكرار وادعاء اكتشاف المكتشف وهذا ما يجعلنا ننتظر ان نرى برنامجاً مختلفاً عن البرامج السابقة التي لم تُسهم بايجاد فرص عمل للذين انخرطوا بها بحجم يوازي ولو جزءاً يسيراً من الجهد والمال الذي بُذلا لتغطية كلفة تلك البرامج.
إن لم يكن هناك فرق بين ما كان وما سيكون، فلا داعي لاعادة انتاج الخطأ، وهدر المزيد من المال وتعميق الاحساس باستحالة الخروج من معضلة البطالة وهذه النتيجة هي الأشد ايلاماً في حال فشلت التجربة مرة اخرى.