تتناقل وسائل الإعلام الخاصة وشبكات التواصل الاجتماعي أخبارا عن اجتماعات تعقدها العشائر الأردنية لاختيار مرشحيها للانتخابات النيابية القادمة لمجلس النواب التاسع عشر، حيث تجري هذه الانتخابات برعاية حكومية، إذ يسمح الحكام الإداريون بالتجمعات العشائرية لاختيار المرشحين، ضاربين بعرض الحائط القرارات الحكومية التي حظرت الاجتماع لأكثر من عشرين شخصا، وأوامر الدفاع التي فرضت التباعد الجسدي واتخاذ كافة احتياطات السلامة الصحية.
إن ما تشهده المحافظات والمدن الأردنية هذه الأيام من عملية فرز لمرشحين من خلال ديمقراطية الاختيار بين أكثر من شخص يرغب في طرح نفسه كمرشح عشائري، يشكل انتهاكا صريحا لأحكام الدستور وللمبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الأردن. فالمادة الأولى من الدستور تنص على أن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي، ومن ركائز النظام النيابي الكامل كما اتفق عليها فقه القانون الدستوري وجود مجلس نواب منتخب من الشعب لفترة زمنية محددة، وبأن النائب المنتخب يمثل الأمة بكاملها ولا يمثل دائرة انتخابية معينة. وما يعزز من هذا القول أن?الدستور الأردني قد تبنى مبدأ سيادة الأمة–مع بعض الاستثناءات–وليس مبدأ سيادة الشعب الذي لا يتناسب مع الديمقراطية النيابية. ومن النتائج المترتبة على هذا المبدأ أن السيادة تتقرر للأمة وليس لأفراد الشعب المكونين لها. بالتالي، فإن النائب الذي يختاره الشعب يجب أن يمثل الأمة صاحبة السلطة والسيادة، وليس أفراد الشعب الذين قاموا بانتخابه.
إن «مرشح العشيرة» للانتخابات النيابية القادمة، وفي حال فوزه، سيكون ولاؤه بالدرجة الأساسية لمنطقته الانتخابية وأفراد عشيرته الذين سيدين لهم بمقعده في مجلس النواب، وهذا ما سيؤثر حتما على أدائه التشريعي والرقابي، والذي سيغلب عليه المصلحة المناطقية والعشائرية على الصالح العام. ففكرة «نائب الخدمات» التي سادت المجالس النيابية السابقة يفترض أن يتم التخلي عنها لصالح تكريس مبدأ نائب الأمة، وهذا الأمر لا يستقيم مع ما نشهده اليوم من انتخابات داخلية بين العشائر الأردنية.
كما أن مجريات هذه الأحداث في الدوائر الانتخابية لا تتوافق مع النظام الانتخابي الحالي الذي ستجرى على أساسه الانتخابات النيابية القادمة. فنظام القائمة النسبية المفتوحة يشترط أن يتم الترشح من خلال قوائم انتخابية لا يقل عدد المترشحين فيها عن ثلاثة ولا يتجاوز الحد الأعلى من المقاعد النيابية المخصصة للدائرة الانتخابية. فالمرشحون للانتخابات النيابية القادمة يفترض بهم في هذه الفترة أن ينصرفوا لتشكيل قوائم انتخابية تعتمد على برامج حزبية سياسية أو قواسم وأفكار مشتركة يسعون إلى تطبيقها من خلال وصولهم إلى المجلس النيا?ي. أما أن يتم الحصول على ثقة أبناء العشيرة أولا ومن ثم تشكيل قوائم انتخابية في فترة لاحقة، فإنه يشكل خروجا عن مفهوم النظام الانتخابي الحالي.
إن ظاهرة «نواب العشائر» ستترك أثارها السلبية على نتائج الانتخابات القادمة من حيث عدم تمكن معظم القوائم المتنافسة من إفراز أكثر من مرشح واحد عنها، وبالنتيجة العودة للعمل الفردي داخل المجلس القادم والذي أثبت فشله في المجالس النيابية السابقة.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
إن ما تشهده المحافظات والمدن الأردنية هذه الأيام من عملية فرز لمرشحين من خلال ديمقراطية الاختيار بين أكثر من شخص يرغب في طرح نفسه كمرشح عشائري، يشكل انتهاكا صريحا لأحكام الدستور وللمبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الأردن. فالمادة الأولى من الدستور تنص على أن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي، ومن ركائز النظام النيابي الكامل كما اتفق عليها فقه القانون الدستوري وجود مجلس نواب منتخب من الشعب لفترة زمنية محددة، وبأن النائب المنتخب يمثل الأمة بكاملها ولا يمثل دائرة انتخابية معينة. وما يعزز من هذا القول أن?الدستور الأردني قد تبنى مبدأ سيادة الأمة–مع بعض الاستثناءات–وليس مبدأ سيادة الشعب الذي لا يتناسب مع الديمقراطية النيابية. ومن النتائج المترتبة على هذا المبدأ أن السيادة تتقرر للأمة وليس لأفراد الشعب المكونين لها. بالتالي، فإن النائب الذي يختاره الشعب يجب أن يمثل الأمة صاحبة السلطة والسيادة، وليس أفراد الشعب الذين قاموا بانتخابه.
إن «مرشح العشيرة» للانتخابات النيابية القادمة، وفي حال فوزه، سيكون ولاؤه بالدرجة الأساسية لمنطقته الانتخابية وأفراد عشيرته الذين سيدين لهم بمقعده في مجلس النواب، وهذا ما سيؤثر حتما على أدائه التشريعي والرقابي، والذي سيغلب عليه المصلحة المناطقية والعشائرية على الصالح العام. ففكرة «نائب الخدمات» التي سادت المجالس النيابية السابقة يفترض أن يتم التخلي عنها لصالح تكريس مبدأ نائب الأمة، وهذا الأمر لا يستقيم مع ما نشهده اليوم من انتخابات داخلية بين العشائر الأردنية.
كما أن مجريات هذه الأحداث في الدوائر الانتخابية لا تتوافق مع النظام الانتخابي الحالي الذي ستجرى على أساسه الانتخابات النيابية القادمة. فنظام القائمة النسبية المفتوحة يشترط أن يتم الترشح من خلال قوائم انتخابية لا يقل عدد المترشحين فيها عن ثلاثة ولا يتجاوز الحد الأعلى من المقاعد النيابية المخصصة للدائرة الانتخابية. فالمرشحون للانتخابات النيابية القادمة يفترض بهم في هذه الفترة أن ينصرفوا لتشكيل قوائم انتخابية تعتمد على برامج حزبية سياسية أو قواسم وأفكار مشتركة يسعون إلى تطبيقها من خلال وصولهم إلى المجلس النيا?ي. أما أن يتم الحصول على ثقة أبناء العشيرة أولا ومن ثم تشكيل قوائم انتخابية في فترة لاحقة، فإنه يشكل خروجا عن مفهوم النظام الانتخابي الحالي.
إن ظاهرة «نواب العشائر» ستترك أثارها السلبية على نتائج الانتخابات القادمة من حيث عدم تمكن معظم القوائم المتنافسة من إفراز أكثر من مرشح واحد عنها، وبالنتيجة العودة للعمل الفردي داخل المجلس القادم والذي أثبت فشله في المجالس النيابية السابقة.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية