نجح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في الإبقاء على ورقة الانتخابات المبكرة بيده تحت عنوان الميزانية العامة. واستطاع، بالاستناد إلى حرص رئيس حزب (أزرق أبيض) بني غانتس على عدم التسبب في انتخابات مبكرة لا يريدها هو في هذه المرحلة، دفعه إلى القبول بصيغة تأجيل الاستحقاق لـ 120 يوماً، عبر تعديل قانوني يحول دون إجراء انتخابات مبكرة فورية.
وصادقت الهيئة العامة للكنيست، على مشروع قانون، قبل ساعات على انتهاء الموعد القانوني، يقضي بتأجيل إقرار الميزانية العامة الإسرائيلية لمدة 120 يوماً، ما منع حل الكنيست تلقائياً والذهاب إلى انتخابات جديدة. أتى ذلك بعدما أوعز نتنياهو إلى أعضاء الكنيست من حزب « الليكود» لدعم الاقتراح، والأمر نفسه انسحب على غانتس وحزبه.
لكن، ورغم أن الاتفاق عكس صيغة عدم التوصل إلى حل لأي من المسائل الخلافية القائمة، فإن الطرفين تقاطعا عند عدم الدفع نحو انتخابات مبكرة، على الأقل في هذه المرحلة تحديداً، في حين أن غانتس ليس من مصلحته مطلقاً إجراء الانتخابات، كي يتسنى له تولي رئاسة الحكومة في العام المقبل بعد نتنياهو. وهو ما منح نتنياهو مساحة إضافية من المناورة كي يضرب ضربته في التوقيت الملائم.
أجمع المحللون السياسيون الإسرائيليون بعد مصادقة الكنيست بتأجيل إقرار الميزانية العامه لمدة 120 يوم، على أن زعيم حزب الليكود ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عازم على تبكير الانتخابات العامة، وأنه حتى لو تمت المصادقة على مشروع قانون تأجيل إقرار الميزانية لأربعة أشهر، إلا أنه سيسعى قبل نهاية العام إلى إسقاط حكومته، والتوجه لانتخابات في آذار/مارس المقبل، ومنع رئيس حزب «كاحول لافان»، بيني غانتس، من تولي رئاسة الحكومة وفقا للاتفاق الائتلافي بينهما.
بدورها، أشارت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، سيما كدمون، إلى أنه خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده نتنياهو، وأعلن فيه عن موافقته تأجيل إقرار الميزانية وتعيينات كبار الموظفين، «بدا نتنياهو أكثر من أي وقت مضى كمن لسانه وقلبه ليسا متفقين: من جهة هو دعا إلى تسوية، للوحدة، لكن قلبه لا يتقبل الحكومة التي يرأسها. وهو ينتظر اللحظة التي يتمكن فيها من التخلص من شركائه الائتلافيين. ومع التناقضات بينه وبين نفسه بشأن القرار بالتوجه إلى انتخابات الآن، وفورا، أم تأجيل نقطة خروجه، التي تهدف إلى منع تنفيذ اتفاق التناوب مع غانتس».
وكما هو متوقع، انتقل الطرفان إلى محاولة تبرير الموافقة على التعديل، بعد السقوف المرتفعة التي رفعها كل منهما؛ فاعتبر غانتس، في مؤتمر صحافي بعد التاجيل أن «انتخابات جديدة ستؤدي إلى حرب أهلية وإراقة الدماء في الطرقات»، محاولاً أن يقدّم موافقته على القانون على أنها تهدف إلى الحؤول دون سيناريو يمثّل « تهديداً للمواطنين الإسرائيليين». وواصل محاولة تحصين صورته كندّ لنتنياهو، فأكد عدم سماحه «لأي شخص بتدمير الديمقراطية»، في إشارة إلى نتنياهو. وقال: « لن أسمح لأي شخص بتعيين دمى نيابة عنه في مناصب عامة في أماكن حساسة»، في إشارة إلى التعيينات في منصبي مفوض الشرطة والمدعي العام.
في كل الأحوال، الواضح أن نتنياهو لن يسمح لغانتس بتسلم منصب رئاسة الحكومة، وسيدفع نحو انتخابات مبكرة، لكن السؤال محصور بالتوقيت وتحت أي شعار. ووفقاً للعديد من المحللين الإسرائيليين، فإنه عازم على تنفيذ ذلك قبل نهاية العام عبر إسقاط حكومته. وهو بذلك يتفوّق على خصمه - الشريك، غانتس، في القدرة على المناورة، لكون الأخير الأحرص على بقاء الحكومة كي يتولى رئاستها لاحقاً، وهو ما يفرض عليه تقديم التنازلات.