اذا ما وقفنا عند هذا الامر، نجد ان المملكة تتمتع ببنية تحتية في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة، كما ان الوصول الى الانترنت من خلال شبكات الاتصالات يتم بسرعات عالية وباسعار معقولة في متناول يد الجميع، عدا عن ان الاعتماد المجتمعي على خدمات الانترنت في تزايد مضطرد واصبح التنافس بين المشغلين يقوم اساسا على جودة الخدمة وسعات وسرعات التحميل والتنزيل من الانترنت.
في جانب آخر، وعلى صعيد المعاملات الرسمية، فان الدوائر الحكومية ذات العلاقة المباشرة بالجمهور على وجه الخصوص، والتي اعلن ان خدماتها اصبحت الكترونية لازالت تكتظ بالمراجعين الذين لا تخلو ايديهم من ملفات تم حفظ محتوياتها بصورة غير عملية وعلى اجهزة كمبيوتر قديمة للغاية، فيما لايزال المواطن ينتقل من دائرة الى اخرى حاملا ملفه لاستكمال اوراق مطلوبة من اماكن متباعدة.
اما فيما يتعلق بالاستثمار، فحدث ولا حرج فلا مكان واحدا حتى الان يكون مظلة لانهاء متطلبات مشروع استثماري، كما ان تحديث البيانات سواء للافراد او للمستثمرين لا تتم بالشكل الامثل، لنعود بذلك الى نقطة الصفر وبذل الوقت لانهاء مهمة ما.
ان الاقتصاد الرقمي أكثر تقدما وتعقيدا من اقتصاد الإنترنت، فكيف لنا القفز عن حاجات ملحة حاليا وتعد الاساس للتوجه نحو رقمنة الاقتصاد ولا زلنا نعاني من عدم وجود حكومة الكترونية بالمعنى الحقيقي للكلمة، ان الاولى ان يتم الانتهاء من تهيئة المكان والانسان للتعامل مع حكومة الكترونية متكاملة تتوافر فيها الاساسيات المطلوبة، وبالتوازي الحديث عن رقمنة الاقتصاد والاستعداد للثورة الصناعية الرابعة وتقنياتها المختلفة.
لسنا بأقل حظا من غيرنا من الدول التي تمكنت من تجاوز مفهوم اقتصاد الانترنت للاقتصاد الرقمي، لكن الامر يحتاج الى زيادة التركيز والاهتمام بتهيئة السلم من الدرجة الاولى لنتمكن من الصعود للاعلى وتحقيق الهدف المنشود.