يقف الشارع متلهفاً، يترقب تشكيل الحكومة الجديدة ومكوناتها، خصوصاً بعد أن قام الرئيس المكلف بالتشاور مع مختلف الأطياف السياسية والنقابية والحزبية، ولكن قبل أن تعلن التشكيلة المرتقبة والتي يبني عليها الشارع آمالاً عريضة، وهو الذي لم يكن له رأي فيها في أي يوم من الأيام، يجب أن يستمع الرئيس المكلف إلى نبض الشارع وأن يسمع ما يقوله أبناؤه، وماذا يرون وهم السواد الأعظم من الشعب من صغار الموظفين وكبارهم وتجار وحرفيين وعمال.
تقول فئة من الشارع ببساطة، نريد أن نأكل وهو مطلب حق لكل أبناء الوطن، بأن تتوفر لهم لقمة العيش الكريم، دون إذلال أو مهانة ودون مكابدة تصل إلى حد الحرمان.
تقول فئة أخرى من أبناء الشارع، نريد أن نعيش، وهؤلاء يريدون الطفو على السطح قليلاً وأن يتنفسوا برئة أو سع من سابقيهم.
تقول فئة أخرى من الشارع، إنها تريد الإصلاح، وهو مطلب حق، وبدون الإصلاح لن تستقيم الأمور ولن تهدأ الخواطر أو تطمئن النفوس. ولكن الشارع يقول إن إصلاح الاختلالات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية يجب أن يأتي في المقام الأول أو على الأقل أن يتزامن مع الإصلاح السياسي. هنا يقدر الجميع موقف الحركة الإسلامية وخطابها العقلاني في هذه المرحلة الحساسة، وينظرون بإيجابية إلى تفاعلها مع الرئيس المكلف، ولكن... وقبل ساعات من إعلان تشكيلة الحكومة ماذا يقول الشارع؟ وأي وزراء يريدون؟
يقول الشارع، نريد وزراء مبدعين، مبادرين أصحاب رؤية واسعة شاملة ونظرة ثاقبة وضمائر حية لا تغفل ولا تنام، ورغبة أكيدة في خدمة الوطن وأهله جميعاً بدون تمييز، وليس خدمة الأهل والأقرباء والصفوة من الأصدقاء. يكيلون بنفس المكيال وينظرون بنفس المنظار لكل أبناء الوطن، بدون محاباة أو تمييز بين قريب أو بعيد.
يقول الشارع: نريد وزراء مثابرين، لا شيوخاً أو مخاتير، يخرجون من الوزارة كما دخلوها، بدون أن يتركوا بصمة واضحة في عملهم، أو في حياة الناس. وأن يرفعوا عن الكواهل أعباء الحياة التي لم يعودوا قادرين على تحملها.
يقول الشارع: نريد وزراء فاعلين.. بعيداً عن التصنيفات المعتادة، فقد سئمنا الأسماء التقليدية ونريدهم بعيداً عن الجهوية، انتماؤهم الحقيقي للوطن الواحد الكبير وليس للشرق والغرب أو الشمال والجنوب.
يتمتعون بالفكر والثقافة الوطنية الشاملة والانتماء الحقيقي للوطن، وليس للمدينة أو القرية.. بعيدين عن الجهوية والإقليمية والطائفية، انتماؤهم الأول والأكبر للوطن الكبير.
يقول الشارع نريد وزراء حقيقيين، يحبون الأرض ويقدرون أهلها، ويتعاملون بسواسية مع الجميع، ويحترمون مبدأ تكافؤ الفرص لكل الناس، كما كان وصفي التل وعبدالحميد شرف وخليل السالم الذين سيذكرهم التاريخ أبداً..
قد لا يحمل الرئيس المكلف عصا سحرية، أو فانوس علاء الدين، لكي يحصل على مثل هؤلاء الوزراء ولا يستطيع تلبية كل مطالب الشارع وأهله وقد تكون له رؤية مختلفة ومنهج آخر، ولكنه نبض الشارع، وآماله وطموحاته.. ولعل التشكيل الحكومي الجديد يلبي هذه الآمال. إن لم يكن كلها.. فشيء منها.
ماذا يقول الشارع؟
أخبار البلد -