من الناحية النظرية فان مشاركة الإخوان المسلمين وقوى المعارضة الأخرى في الحكومة أمر ممكن بل ومطلوب، لان المكان الطبيعي للأحزاب ليس الشارع بل المشاركة في الانتخابات! وان يكونوا جزءاً من مجلس النواب ومجالس البلديات وأيضاً السلطة التنفيذية وأهمها الحكومات.الأحزاب في العالم كله تنشأ لتسعى للمشاركة في السلطة، والا لم يكن هناك ضرورة لها، وليس هناك مهمة اسمها المعارضة إلا عندما يفشل أي حزب في دخول السلطة فيقضي فترة مؤقتة ليستعيد قوته ويحاول مرة أخرى.اليوم نحن في مرحلة أردنية خاصة، كلنا ندعو للإصلاح ونريده.. قد نختلف في التفاصيل لكن ليس على الفكرة، والحكومة الجديدة برنامجها إصلاحي واضح وعموده الفقري إقرار تشريعات إصلاحية من الهيئة المستقلة والانتخاب والأحزاب والمحكمة الدستورية، كذلك إجراء انتخابات بلدية ناجحة والتحضير للانتخابات النيابية وربما إجراؤها في حال وجود فتوى دستورية لهذا, وبالتالي فهو برنامج لا خلاف عليه، ومن يرد الإصلاح فعليه أن لا يكتفي بالمسيرات ما دام قادراً أن يكون جزءاً من صناعة القرار.الإخوان اليوم أمام فرصة كبيرة وجادة للمشاركة في صناعة الإصلاح ولا مبرر منطقياً لأي عزوف عن المشاركة في الحكومة حتى لو كانت المشاركة بشخص واحد لكن من المهم أن يخرجوا من دور المطالبة إلى صنع الإصلاح.وكل من يعرف تفاصيل البيت الاخواني يعلم أن هناك صعوبات كبيرة في مشاركة الجماعة لا تعود للحكومة بل لتركيبة التنظيم! فليس سهلاً أن تقوم قيادة الحركة بشحن القواعد لعام كامل للحركة في الشارع ورفع سقف الشعارات ثم فجأة يجد الإخوان قادتهم وزراء يركبون سيارات الحكومة ويدافعون عن سياسات رسمية، لان الإخوان ليسوا تنظيماً سياسياً محضاً بل يعتمد المنطلق الشرعي في تبرير وتسويق موقفه السياسي حتى لو كان التوجه ليس محرماً شرعاً.الجماعة منذ سنوات تعيش حالة شحن تجاه فكرة المشاركة، فكانت مقاطعة الانتخابات النيابية العام الماضي والعارفون يعلمون السبب الحقيقي للمقاطعة وهو داخلي، ثم كانت الحركة في الشارع، ثم شبه المقاطعة للانتخابات البلدية، لكن كل هذه الصعوبات داخل التنظيم تفرض على القيادة أن تكون صاحبة قرار وان تنحاز إلى الأفضل وهو المشاركة حتى لو كان مزاج القواعد مختلفاً أو رافضاً.واجب الجماعة أن تكون في حكومة يمتدحون رئيسها وبرنامجها واضح ويمكن التفاهم معها حول التفاصيل، لكن إن عجزت الجماعة عن اتخاذ الموقف الأفضل فان أمامها واجباً آخر وهو إعلان دعم برنامج الحكومة الإصلاحي، وإعطاء الحكومة فرصة للعمل من خلال زيادة مساحة الهدوء السياسي في الشارع، كذلك المشاركة في العمليات الانتخابية القادمة في البلديات والانتخابات النيابية فهذا اضعف الإيمان.الحفاظ على ما يسميه البعض « النقاء الثوري» من خلال البقاء في الشارع بعيداً عن الحكومة أمر قد يكون مفهوماً من جسم صغير أو حديث، لكن الإخوان عليهم واجب إدارة الإصلاح وليس الاكتفاء بالنقد ورفض كل شيء. وأخيراً فإن على الإخوان أن يفعلوا ما يجب تجاه وطنهم وان يغلقوا آذانهم أمام نصائح من بعض « الأصدقاء !» الذين يحبون بقاء الإخوان أمامهم ليكون لأصواتهم صدى.
ce@alrai.com
سميح المعايطة يكتب : الإخوان وحكومة الخصاونة
أخبار البلد -