قبل أن تخرج إلى الحراك

قبل أن تخرج إلى الحراك
أخبار البلد -  
 

مكنت موجة العولمة، وموجة الاتصالات أو وسائل التواصل الاجتماعي، وموجة حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية في العقود الأخيرة، كل واحد/ة مهما كان سنه وتعليمه أو علمه أن يتكلم من دون رقابة مسبقة أو محرر مسؤول يأذن له أو يقمعه، كما كان عليه الأمر في الماضي القريب، في وسائل الإعلام، وحتى في الشارع. كانت تلك الوسائط للنخبة أو للسلطة فقط. أما الآن فقد صار بقدرة كل واحد/ة الإدلاء برأيه في السياسة والأحداث، وحتى في كل شيء، وعلى مدار الساعة.

صار المراقب لا يعرف الفرق الثقافي بين المتواصلين، أو المتداخلين، أو المعلقين، أو الكاتبين، أو المصورين، فقد يكون أحدهم أميا أبجديا، ولكنه تعلم الكتابة على الشاشة باللمس، وقد يكون أميا ثقافيا، ولكنه يدخل ويتدخل معتبرا نفسه فيلسوفا.
أحدث الانترنت أعظم تغيير في التاريخ البشري بعد اختراع الزراعة، والكتابة، والطباعة، والثورة الصناعية، كل في حينه. وكذلك أحدث أوسع ديمقراطية ثقافية وسياسية في التاريخ. تصور أن واحدا مثلي يناكف من هنا، من مقعده في بيته في عمان – وعبر تويتر – رئيس الولايات المتحدة ويسخر منه.
ولكن هذه الثورة التكنولوجية الرقمية الاتصالية التي تتيح تعلّم أي شيء ذاتيا أغرقت الواحد/ة بطوفانات من المعلومات في كل أمر وجعلته ضحية لها لما في ثناياها من زيف، وتضليل، أو استغفال، واستغلال واحتيال، وبالجرائم الإلكترونية التي تقع بالتهديد أو بالتنمر، أو بتشويه الصورة والسمعة، أو بالسطو على المعلومات والبيانات الخاصة… وحتى بالإفساد الأخلاقي جنبا إلى جنب النصائح الصحية المتباينة في الموضوع الواحد.
الحراك الإلكتروني ولد ما يسمى بالحراكين الاجتماعي والسياسي اللذين تشهدهما هنا وهناك. صار الحراكيون يندفعون إلى الحراك قبل أن يسألوا أنفسهم عن كثير مما هم مخطئون أو مخالفون أو منحرفون فيه، فتسوية الأمر مع الحكومات عندهم تتقدم على تسوية الأمر مع أنفسهم، ما يجعل كثيرا من الحراكات يفشل.
ومن ذلك مساءلة المرء الحراكي نفسه: هل كذبت على أحد مرة؟ هل غششت أحدا مرة؟ هل خدعت أحدا مرة؟ هل تواطأت على أحد مرة؟ هل سرقت مرة؟ هل زورت؟ هل زيفت؟ هل ألقيت نفايات من شباك السيارة؟ هل قدمت شهادة زور؟ هل اشتريت بضاعة مهربة وأنا أعرف ذلك؟ هل أؤمن بالثأر؟ هل الدولة أم العشيرة أم الطائفة مرجعي؟ هل أنا مع الجلوة؟ هل سطوت على حق أحد مرة؟ هل فرحت بالقبول في الجامعة بالمكرمة أو بالكوتا أو بالواسطة على حساب من هو أعلى مني علامة أو معدلاً في التخصص نفسه؟ هل قبلت في البرنامج العادي بها بينما أجبر زميلي الأعلى علامة ومعدلاً والأفقر مني على الالتحاق بالبرنامج الموازي المكلف مع أنه يتعلم معي في الصف نفسه وعلى يد الأساتذة أنفسهم، وليس بالمقدار والنوعية المتناسبة مع الكلفة التي يتحملها؟ هل حصلت على درجتي الجامعية بالغش أو بالتزوير أو بالانتحال أو بالشراء؟ وهل حصلت على الوظيفة بالكفاءة أم بالواسطة؟
وهل أنا سوي قوميا فلا أفرق بين الأقوام والمنابت والأصول في بلدي في الكرامة والفرص والمساواة والعدل؟ أم أنني استفيد من التمييز الوظيفي المنهجي المتبع بين مكونات الشعب الأردني فيها؟ وكذلك من التمييز في المعاملات والإجراءات بينها؟ هل انا سوي إسلامياً، فلا أفرق بين الناس في الدين والمذهب؟ هل أنا ديمقراطي حقاً فأتمسك بالديمقراطية عندما أفوز أم أرفضها عندما أخسر؟ هل أنا إنساني فلا أفرق بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات؟…
يجب على كل منا قبل أن يتحرك أو يخرج من البيت ليؤيد أو يعارض الإجابة عن هذه الأسئلة، « فالإصلاح يبدأ بالنفس» ومن الرأس. وإذا كان عالقاً في أحدها فليطهر نفسه منها أولاً وليخرج بعدها إلى الميدان لتطهير المجتمع منها، وإلا فإن تركها تتضخم قد يجعلها تنفجر في وجه كل منا مصاب بأحدها أو بكثير منها. وذلك أشد تهديدا للوحدة الوطنية أو للبقاء من أي خطر آخر. وبدون الشفاء منها نبدو وكأننا نطالب بتوزيع «عادل» للفساد بيننا، ليس إلا.
أنا لا أدعو أحدا إلى ذلك وأنا عنه بنجوة، فأنا أُخضع نفسي دوما لمثل تلك الأسئلة وأحاسبها عليه فأجد أنني ألجأ – أحياناً – إلى الواسطة لنيل حق مقرر، أو حق نشأ بحصول الآخرين عليه، وهو أمر يزعجني جداً، لأنني اضطر إليه لأن المرء لا يستطيع أن يسير مستقيما في طريق معوج، وأنا لا أملك بولدوزرا، وهو المطلوب.

شريط الأخبار فيديو || المقاومة الإسلامية في العراق تهاجم هدفاً في غور الأردن "الاقتصادي والاجتماعي": موازنة 2025 تتصدر التحديات الاقتصادية لحكومة حسّان "الوطني للمناهج": لا نتعرض لأي ضغوط خارجية أو إملاءات لإدراج أو حذف أي موضوع في مناهجنا الإفراج عن الأسيرين الأردنيين النعيمات والعودات حملة لإنفاذ سيادة القانون في البترا المعايطة يوعز بالتحقيق في الفيديو المتداول لتجاوزات أثناء إلقاء القبض على أحد الاشخاص نائب الملك يشدد على ضرورة الارتقاء بنوعية التعليم العالي ارتفاع سعر البنزين أوكتان (90) بنسبة 4% عالميا "اعتماد التعليم": لن يكون هناك برامج راكدة بالجامعات خلال 2-3 سنوات صالح العرموطي رئيسا لكتلة نواب "العمل الإسلامي" الأمن العام يوضح تفاصيل التعامل مع التجمع الاحتجاجي في البترا مكاتب استقدام الخادمات.. الوزير خالد البكار والخيارات المفتوحة في الامتحان الأول الأردن يعـزي إيـران بضحايا حادث انفجار منجم للفحم في إقليم خراسان من هو (فادي) الذي حملت صواريخ حزب الله اسمه؟ الحبس ل 4 أشخاص في الكرك خططوا لقتل مسؤولين مكافحة المخدرات تلقي القبض على 19 تاجراً ومروجاً للمخدرات اللواء الركن الحنيطي: القوات المسلحة مستعدة لتنفيذ أي مهمة دفاعية لحماية حدود المملكة الأوراق المالية توافق على طلب تسجيل رفع رأس المال لـ شركة "المتحدة للتأمين" إصدار 326 ألف شهادة عدم محكومية إلكترونيا منذ بداية العام الحالي إلغاء الإجتماع غير العادي لشركة الأردن الدولية للتأمين