مشاهد الحياة السياسية في جمهورية مصر العربية بعد تنحي أو خلع حاكمها السابق محمد حسني مبارك من "عرش مصر" شهدت بعض التغييرات في طريق التحول والانتقال من مرحلة إلى أخرى. إلا ان هذه التحولات من قرارات سياسية كانت أم اجتماعية أم اقتصادية لم تكن ترتقي الى النقلة الثورية التي يستحقها الشعب المصري ودماء شهدائهم. بل إن المتابع لأحداث الثورة وخطب الرئيس السابق يجد أن معظم- إن لم تكن جميع- هذه القرارات والإصلاحات كان هو على استعداد لتقديمها مقابل بقائه أو لنقل مقابل عودة الشعب عن الاحتجاج..لكن تصميم الثائرين على اسقاط رأس النظام أجبرت حلفائه على تركه واجبرته على تسليم الحكم إلى أحد أكبر المستفيدين من نظامه عشرات السنين السابقة وهو المجلس العسكري. إن متابعة تسلسل الأحداث في الشأن المصري يجعلنا نميل الى تبني نظرية أن النظام "العسكري" السابق مازال يحكم البلاد من خلال مجلسه العسكري الذي قرر تمثيل النظام السابق بشكل يستنزف فيه ثوران الشعب المصري ويعيد لنا سيناريوهات ثورة 1952 التي تشبه الى حد بعيد ماشهدته ثورة 2011 ومن تلك الأحداث والمقارنات, هو الاختلافات بين المجلس العسكري وأكبر الأحزاب فيما يتعلق بقوانين الانتخابات وتوقيت اجرائها. والصراع مابين التاجيل أو البقاء على موعدها, كذلك ماتشهدة مصر من افتعال فوضى منظمة وتدبير مظاهرات واحتجاجات تبرر للمجلس العسكري بالبقاء لمدة أطول وتسمح له بتفعيل قوانين طالب الثائرون التخلي عنها أهمها قانون الطوارىء الذي تم تفعيله بعد زج أزلام النظام السابق بعض "البلطجية" لإثارة الشغب والفوضى أمام مقر السفارة الإسرائيلية في مصر..حتى أن شعار الجمعة التي سميت ب "شكرا..عودوا لثكناتكم" هو نفسه الشعار والمطلب التي طالبت المجلس العسكري للعودة لثكناته بعد ثورة 52. أن يقوم عسكري بإلقاء التحية العسكرية لوزير الداخلية وأن نشاهد أبناء مبارك يرفعون إشارات النصر من داخل القفص لأحد أزلامه وإشارات لا أخلاقية لمحاميي الشهداء, وأن تتخلى المحكمة من الزام المتهمين بوضع القيود او ارتداء ملابس المتهمين, وأن نشاهدهم قبل دخول القفص وكأنهم أحرار ويعطون الأوامر ويتعدو على كاميرا إحدى المحطات المصرية ماهي إلا دلالات وإشارات خطيرة عن مدى تأثير هؤلاء المجرمين على المحيط وعلى المحكمة وعلى أزلامهم وفلولهم على أقل تقدير. أن تأخد البلطجة طابع التنظيم والتنسيق وأن تعود بعض قنوات النظام السابق باتهامات ضد الثورة والثوار وتسمية الثورة بالفورة ماهي إلا دلالات على ان فلول النظام مازالوا يستطيعون على عرقلة وتشويه انتصار الشعب وخلق متغيرات تنهي فصل الربيع العربي في مصر.عدى عن الأموال التي مازالت تمد وتمول من هو خارج القفص لتحقيق أهدافهم والتي من أهمها تبرئة حسني مبارك من التهم الموجه إليه وثانيا المحاولة على ابقاء النظام العسكري في الحكم لأطول مدة وثالثا –وقد لاتكون أخيرة- هو أن لاتتعدى أي قرارات أو أي نظام جديد المعايير التى تستلهم رضى الدول الغربية ومتطلباتها.وهذا ماحصل على سبيل المثال لا الحصر لوزير الخارجية السابق نبيل العربي عندما تم التخلي عنه ونقله إلى سراديب الجامعة العربية بعد ظهوره اللافت والقوي كوزير للخارجيه وتصريحاته في شأن القضية الفلسطينية وكما كانت له اليد الكبرى في توقيع المصالحة الفلسطينية مما أزعج الدول الغربية منه. على كل حال إن المجلس العسكري الحاكم حاليا هو في دائرة الإتهام بمحاولة عدم قطف ثمار الثورة المصرية وبالتالي محاولته إفساد هذا المحصول و البقاء في قوقعة حكم حسني مبارك الذي بشكل أو بآخر مازال يحكم مصر بنظرياته وأهدافه وبإعلامه وبفلوله الذين مازال أغلبهم يتقلد مناصب مهمة في الدول..لذلك فإن على الشعب المصري وأحزابه الذين قدموا للعالم العربي مثال الحرية والكرامة والوحدة التي كان من شأنها إسقاط فرعون مصر الحديث الذي أفسد في الأرض في أيام معدودة يحتاج إلى توحيد صفوفه وطاقاته بعيدا عن مصالحه من اجل إستكمال الثورة ضد نظام مبارك العسكري الحالي والتصدي لكل المخربين والفوضويين البلاطجة الساعيين إلى بقاء الأوضاع كما يشتهيها فرعون مصر.
النظام العسكري يحكم مصر من داخل القضبان
أخبار البلد -