رئيس الوزراء المقبل من بني حسن
أحمد الربابعة
اعتدنا في دولتنا الأردنية قبل نفاذ أي قرار سياسي أو اقتصادي، على سبق ذلك القرار بإشاعة أو إشاعات، عادة ما تكون تعبر عن مضمون ذلك القرار أو جزء منه، فعندما يحين موسم تغيير الحكومة واستبدالها باخرى؛ يسبق تنصيب الرئيس المنتظر ترديد الشائعات حول أن الرئيس القادم سيكون فلان الفلاني، أو أن سعر كيلو الخبز أو لتر البنزين سيكون كذا وكذا.
وعند صدور القرار، نجد فعلا أن الرئيس الذي تم تعيينه هو أحد الأسماء التي تداولت في الإشاعات، وأن سعر كيلو الخبز أو لتر البنزين هو فعلاً مطابق أو مقارب لما تم إشاعته من قبل العامة؛ وهي طريقة ماكره يتم من خلالها جس نبض الشعب، ومعرفة مستوى رد فعله على القرارات السياسية والاقتصادية.
ولاحظوا معي جيداً، كيف أن السياسية الأردنية تُرسم من خلال بث الإشاعات، وليس من خلال إرادة الشعب وممثليه، والذي هو مصدر السلطات!
وبالعودة إلى موضوع من هو رئيس الوزراء القادم الذي سيخلف البخيت، فكالعادة، تم إشاعة عدة أسماء، يُدّعا أن أحدها سيخلف البخيت، وأن مصادر مقربة، أشارت إلى أن (فلان) هو من سيقع عليه الاختيار لتشكيل الحكومة المقبلة، ولكن لم يكن من بين الأسماء التي تم الترويج لها على أنه الرئيس المنتظر، أي اسم لشخصية من قبيلة بني حسن، (القبيلة الأكبر في الأردن)، مثلما لم يتسلم من هذه القبيلة المليونية أي رئيس وزراء، منذ تأسيس الدولة الأردنية وحتى الآن، بالرغم من الكفاءات التي لديها ومن وفرة شخصياتها الوطنية والسياسية؟!
علامات استفهام وتعجب كبيرة، نضعها في هذا الصدد، ومن حقنا أن نطرحها ما دام أن رئيس وزرائنا يُعين تعييناّ ولا ينتخب انتخابا من الشعب كبقية دول العالم، فكيف أن قبيلة تعدادها مليون أو ما يقاربه، ولديها ما لديها من الكفاءات، لم يتم منذ عام 1921 وحتى الآن، تسليم أحد من أبنائها رئاسة الحكومة؟ وسواء أكنا ننتسب إلى هذه القبيلة أم لم نكن؛ فان طبيعة الحال تدعونا للتساؤل عن السبب الذي يبرر به تعيين ابن أسره، ولا نقول عشيرة أو عائلة، رئيساً للوزراء في حين يتم تهميش قبيلة بأكملها ؟
وفي ظل قانون الصوت الواحد الانتخابي، والذي يُشجع على انتخاب ابن العشيرة وابن الإقليم؛ تحصد قبيلة بني حسن بالعادة ما نسبته 10% من مقاعد البرلمان الأردني، حيث يبلغ عدد نواب بني حسن حالياً 12 نائباً، وهذا ما يُدلل على الرقعة الشعبية التي تتمتع بها تلك القبيلة، وما يجعلنا نرسم سؤالاً بالقلم العريض : إذا كان عدد نواب بني حسن 10% أو 12 نائباً من مجموع النواب، فلماذا لم يكن منهم ولو رئيس وزراء واحد في تاريخ الدولة الأردنية ؟؟ أليس باستطاعة نواب بني حسن إعلان نفسهم كحزب داخل القبة والمطالبة بتشكيل حكومة باعتبارهم الأكثرية البرلمانية ؟ ومع ذلك : لم نسمع يوماً أن نواب (الحسنيه) قاموا بتشكيل لجنه برلمانية خاصة بهم، أو ما شابه ذلك مما يمكن أن يقلق النظام الأردني.
نعم نحن لسنا مع تمثل العشائرية في تنصيب المسؤولين وتشكيل الحكومات، بل مع إتاحة الفرصة لكل أبناء الوطن في تسلم المناصب والوظائف ونيل شرف خدمة الوطن، لكن ما دام أن النظام الأردني مستمر في انتقاء رؤوساء الحكومات وغيرهم من موظفي الدولة الكبار، وفي زمن تتعالى فيه الأصوات في عالمنا العربي مطالبة بالعدالة الاجتماعية، وعدم حصر السلطة في قبضة أفراد، فانا نقول: بأنه أن الأوان ليتسلم أحد أبناء قبيلة المليون منصب رئيس الحكومة.
Ahmad.ALrababah@kermalkom.com