مسئولون (بدون رأس) مُتجمّدون خلف الملك ويرهبوننا طوال الوقت...!
ليس هناك أردنيّاً لديه أدنى شكّ في قوّة نظامنا وتماسكه، وقدرته على التّكيّف في شتّى الظّروف والمواقف بقيادة مليكه وحكمة أهله وجلدهم من حوله...، فلماذا إذن يخشى مسئولونا من الفوضى، ويرهبوننا بها طوال الوقت؟
ورغم أنّ جلالة الملك قد نجح في جعل نظامنا قوي ومستقرّ وثابت وبشهادة الجميع في الدّاخل والخارج، ومن قبل الجميع تقريباً مُحبّون أو معارضون وبخاصة ممن يقدّسون ويسلكون (شرف الخصومة) في معارضتهم؛ إلّا أنّ مسئولونا لا يزالون يحرقون وجوهنا ويشوون ظهورنا بالكلام عن الفتنة والتّحذير من خطرها القادم (يوقظونها وينوّمونها)...!
نظامنا الثّابت المستقرّ، وثقة الأردنيّون بأنفسهم ووعيهم لا تهزّهما أزمة ما أو انتخاباتٍ ظالمة مثلاً أو احتقانات ولها حلول...، السّؤال: لماذا مسئولونا دائماً ما يظهرون مفزوعين، ويلوّحون لنا بخطرٍ قادم دون أن يبيّنون لنا من أين و ممن سيأتي؟!
في حال طلبت المعارضة تعديلَ أو تغييرَ الدّستور أو نادت بالنزول للشارع سلميّاً مطالبة بإصلاح؛ ينبري إلينا مجموعة من السّمك العرموطي المتجمّد (إشي براس وإشي بدون راس)، ويفيضون بالحديث عن الاستقرار، ويسهبون لنا عن الخوف من الفوضى...!
وفي حال اختلفت أفكار كاتب شرق أردني مع كاتب غرب أردني؛ أو تصادمت (بكب دبل كابين) خصوصي مع باص (كوستر عمومي) على مثلث بلدة حيّان الرّويبض مثلاً؛ أو تشاجر الكبار بسبب مهاترات الصّغار، أو عطس أحدهم وشمّتَه أكثرُ من اثنين؛ يصبّ مسئولونا في رؤوسنا ماءً وهم يتكلّمون لنا عن الفتنة، ويصدعوننا بالكلام عن اللُحمة والتحذير من الفوضى...!
أمّا لماذا و (لويه هم هيه...) متوجّسون مرعوبون دائماً من فتنة وشيكة أو فوضى قاب قوسين أو أدنى؛ فلأنّهم مسئولون مذعورون، ويخافون من كلّ انتخاباتٍ غير مزوّرة، ويخشون من الحديث عن الحرّية الحقيقيّة، فما بالك لو أضحت واقعاً؟ ولأنّهم يرتجّون ويرتعشون من أدنى خلافٍ أو اختلاف يكشفهم، أو يجعل الكرة في مرماهم، أو يقف عائقاً أمام مصالحهم وامتيازاتهم...!
ما أعرفه ومتيقناً منه هو أنّ الملك والشّعب واحد، فهم جريئون لأنّهم بريئون، فكلّ بريءٍ جريء...، وليسوا مرعوبين من فوضى أو خائفين من فتنة، لكنّهم حريصين حذرين متيقّظين، وهذا حقٌّ كلّ كيّس فطن، وشتّان بين الحرص والخوف، والحذر واليقظة ليسا هما الرّعب بالبتّه... .
لم نجد هناك ما يُبرّر الرّعب والفزع من فوضى وشيكة أو فتنة مُطلّة، ولكن هناك ما يجعلنا أمام نتيجة مسلّمة وثابتة بأنّ مسئولينا يحملون فايروساً مُزمناً خطرا، ولا يشعرون به وهو يقتل مناعتهم ويأكل أجسادهم ويدمّر أفكارهم ونواياهم، وهو ما سيُطيح بهم إلى فراش الموت السّياسي أخيراً...، وإلّا كيف نفسّر وهم المسئولون لا بل الممارسون والمنتجون لا غيرهم لهذا الكم الهائل من قضايا الفساد الحكومي والشّعبي، والجهل بأنواعه (ديني ثقافي سياسي اجتماعي)، والغوغائيّة السائدة المتسيّدة، والفقر البائن بينونة كبرى (فاقع مدقع)، والتفاوت الطّبقي الهائل، والتّعصب الطائفي والقبلي، والإعلام النّافق المنافق...؟ أليس بفشل مسئوليّاتكم المتعدّدة والمتنوعة وحالكم تلك أنتم من يقودنا بخطى ثابتة إلى الفوضى وإلى جدّتها الفتنة...؟ أم أنّ هناك مسئولون غيركم تعلمونهم ولا نعلمهم، أو أنّكم أُوتيتم من كلّ شيء، وفُضّلتُم على الأردنيين؟
أغلب مسئولونا الفاعلون بنا الأفعال بضميرهم المُستهتر المُستتر خلف جلالة الملك (أو كما وصفهم)، وتقديره على الأغلب هو أو هي؛ يعرفون أنّهم يفقدون الشّرعيّة أمام الشّارع الأردني، وأنّ ليس لهم شرعيّة إلّا شرعيّة اغتصاب المنصب والمال - السّلطة – واحتكار القرار بالتّزوير والتّزييف...، لذا...؛ فلا يلامون أن بدوا طوال الوقت خائفين من الفتنة ومرعوبين من الفوضى، وفي حال سألتني لماذا، فلأنّهم يدركون بأنّ الفوضى إن بدأت بعد غياب قوانينهم التي وُضِعت لحمايتهم كجدارٍ عازل أو دروعٍ قانونيّة بينهم وبين الشّعب صاحب المظالم و الحق والحيلولة بينه وبين الوصول لهم؛ فلن يكون خلال برهة وجيزة أحد من هؤلاء المسئولين يملك مكانه أو يحظى بمكانته، وليس لهم تشبيهاً حينئذٍ إلّا الشّيطان يولّى هارباً وله ضِراط حال سماعه لصوت مؤذنٍ يصدح بالآذان وبالله أكبر...!!!
للأسف الشّديد...؛ مسئولونا يخشون الفتنة لدرجة أنّهم يوقظونها، ويخافون الفوضى لدرجة أنّهم يصنعونها!
سيّدي جلالة الملك: الأردنيّون حصلوا منك على تقرير هؤلاء وتشخيص نفوسهم وأحوالهم وصلاحيّاتهم، فيتمنّون عليك الإسراع ببدء العلاج وصرفه مهما يكن باهظاً أو ثمينا...، وليس بعد صعود الجبال معك يا سيدي إلّا سهولاً خضراً ننزلها، وسنكتب على أطرافها وحدودها بالأحمر القاني: (هاظا الأردن أردنّا وأغلى من الرّوح اترابه)...!!!