الشعب الأردني يغمس من خارج الصحن
خلال هذا الأسبوع، كان حضور سيد البلاد لاجتماعات الأمم المتحدة بالنيويورك وخطابه أمام جميع دول العالم، وكذلك كلمته بإحدى الجامعات الأمريكية، وضع الملك النقاط على الحروف لكل تساؤل، وأعطى الإجابات الشافية بالنسبة للقضية الفلسطينيةِ بالدعم المطلق والوقوف إلى جانب الأخوة الفلسطينيين بإقامة دولتهم على أرضهم، ومن ثم دفن مقولة الأردن وطن بديل إلى الأبد، وما دامت الدنيا دنيا إلى غير رجعة، والاعتزاز بالشعب الأردني الواحد، والجيش العربي والأجهزة الأمنية وقدرتها على التصدي لأي معتدي على هذا البلد، وجاء هذا التأكيد من رأس النظام، ولا يحق لأي إنسان مهما كان، التحليل والتأويل لكلام الملك، لأن هذا الكلام من ثوابت القيادة الهاشمية والشعب الأردني، علما بأن الحكومة وجميع أجهزتها كانت صماء وخرساء بالرد على الصهاينة بموضوع الوطن البديل، والله أعلم ما هو سبب سكوت الحكومة، أما من ناحية الإصلاحات الداخلية ومحاربة الفساد والعدالة والمساواة بين المواطنين، فقد فاجأ الملك وكما عهدناه نحن الشعب الأردني بأكمله، سواء موالاه أو معارضه، بتطلعاته إلى الإصلاح والإسراع بها، ومحاربة الترهل الإداري والواسطة والمحسوبية، وتحدث عن قوى الشد العكسي للإصلاح والمعارضين له، لأنهم المنتفعين من الوضع الحالي، ولا يريدون الإصلاح مهما كلف البلاد من حالة فوضى وضياع لا سمح الله، كل ذلك للحفاظ على مصالحهم الخاصة، وهم أصحاب المناصب، وهنا الحيرة الحقيقية للشعب (الشعب يريد الإصلاح، والملك سابق الشعب بالإصلاح، والنتيجة لا يوجد شيء ملموس للناس عن ذلك الإصلاح) وأول هذه الخطوات مكافحة الفساد بشكل علني، وأن ترفع الحصانة عن كل من مد يده على المال العام مهما كان ومهما علا شأنه، وهذا لغاية الآن لم يحدث، أما بالنسبة للإصلاح الدستوري والقانوني، فجميعها جاءت عرجاء ولا تلبي تطلعات الملك والشعب، وبالتالي لم تهدأ المطالبات من خلال الخروج للشارع، وكذلك إخواننا النواب فأغلبهم لم يكن مؤمن بالإصلاحات لا من باب ولا من طاقة، والدليل الغياب الغير مبرر عن جلسات تعديل الدستور، ومن كان يحضر منهم كان عبارة عن رفع عتب، وبالطبع لا ينطبق هذا على جميع النواب، وبالتالي تم الالتقاء بين الحكومة ومجلس النواب معا لترقيعات طفيفة بالإصلاح وثبت أن الطرفين لا يريدون الإصلاح، بعكس توجيهات الملك ومطالب الشعب، وكلا السلطتين يختبئون وراء الملك، ويعطون انطباع للناس بأن الملك لا يريد الإصلاح والحقيقة أن الملك هو أول من يريد الإصلاح، وهذا ما جاء بتصريحات الملك وهو خارج البلاد، لذلك أتوجه إلى سيد البلاد باسم الأغلبية الصامتة بأن يتحدث لنا مباشرة نحن أبناء شعبه الأردني الواحد، لكي يرتاح الجميع، وتنزع الغصة من أنفس المطالبين بالإصلاح، علما بأنه حينما يتحدث الملك بأي مناسبة، تجد التلفزيون الأردني الرسمي يأخذ ثواني من حديث الملك، وهذا شيء يصدم، بينما إذا وجدت أي فعالية أخرى ليست مشابهه، ولا يوجد مقارنه بين حديث الملك وأي فعالية أخرى، نجد التلفزيون يخصص لها مساحة أكثر من حديث الملك، وهذا بحد ذاته لغز يتحدث الكثيرون عنه، وبالتالي فإن الشعب يريد أن يستمع إلى الملك بشكل مباشر، ليكون المواطنين أكثر اطلاع ومعرفة بتوجهات القائد، لأن الجميع في أجهزة الحكومة مقصر بإيصال توجهات الملك، وبالتالي فإن الناس يعيشون في دوامة بسبب أفعال وتصرفات الحكومة الغير مبررة، وبالفعل الشعب الأردني يغمس من خارج الصحن.