العائلة او الاسرة هي اساس المجتمع, اذن فهي اساس العلاقة بين الانسان والدولة او ما تعرف بالمواطنة,وعلى ضوء هذا الفهم وفي ظل ثورة الاصلاح الشاملة لا بد أن يطال الاصلاح الاسرة الاردنية بمساعدتها على اصلاح احوالها في كافة مجالات الحياة ,وخاصة في المجال الاقتصادي باعتباره الضابط الاساسي الذي يحفظ التوازن في علاقة الاسرة بالمجتمع من حولها, ومصدر الاختلالات الاجتماعية وما يمكن ان يتفرع عنها من مشاكل اخرى في حال تعرض العامل الاقتصادي لنكسات تؤدي اما الى تغيير مستوى معيشة الاسرة هبوطا نحو الادنى ,او انها تبقي على وضع الاسرة في مرتبة متدنية كما كانت دون اي امل بالتحسن والارتقاء الى مستويات أعلى, ومساعدة الاسرة الاردنية لا يكون بتقديم معونات شهرية من صندوق المعونة الوطنية او صناديق الزكاة تكفي فقط كي تبقي على الاحتجاج الخامل مؤجلا ,ولا تكون المساعدة في تأمين الحكومة للوظائف كحل لمشكلة وليس كحاجة ,فالوظائف لا تكون عنصر تسكين وانما عامل انتاج يرقى بمستوى الاسرة ثم بعد ذلك بالمجتمع ,مساعدة الاسرة الاردنية تكون في نقلها من فوضى الصرف والانفاق على الاكل واللبس ,الى مرحلة التخطيط بحيث تتضاعف قيمة الدينار قبل ان يهدر وينفق بلا تخطيط وبقلة احترام للمال وهو أصل الجهد ,وبحيث يرتبط المال بالطموح وحلم الارتقاء الى مستويات اعلى من الوعي والثقافة والرفاهية ,اي الى طبقة جديدة ,ولعل التعمق قليلا في مآل المجتمع الاردني يظهر انتكاسة كبيرة للطبقة الوسطى في هذه المرحلة التاريخية بينما يفترض حدوث العكس لو جرت كل هذه العمليات الاصلاحية قبل عشر سنوات من الآن ,فالأصل اتساع الطبقة الوسطى على حساب الدنيا اي الفقيرة .
علينا كمخططين للمستقبل ان نكرس ثقافة جديدة اساسها احترام الدينار وعدم تحويله الى سلع تستهلك المزيد من الدنانير كالسيارات الخردة كمثال صارخ ,والدولة مطالبة باجراء جراحة اصلاحية لنمط العيش للطبقة الدنيا ولو بالتضييق عليها لمنعها عن بعض السلع والمصروفات , ومن اجل انجاح اية اجراءات بهذا الصدد على الحكومات ان تؤمن الحلول الكفيلة بتغيير شكل الحياة في المجتمع وان تلجأ الى الحلول الاشتراكية بهذا الصدد فليس القطاع الخاص جديرا بادارة كافة الشؤون وحل كافة المشاكل ولا بد من تدخل الحكومة في الكثير من الحالات كما برهنت على ذلك تجارب الدول الرأسمالية الكبرى التي اعادت بعض الدور للحكومات حتى لا يحتكر القطاع الخاص المشهد الاقتصادي بالكامل وبالاخص منافذه الى الأمن والسيادة .
الاصلاح الموازي للاصلاحات السياسية يعني ان يتهذب المجتمع بالتخلص من عيوبه وبحيث يكون كفؤا وقادرا على التكيف مع مقتضيات التغيير الشامل نحو المجتمعات المهيئة لانتاج القادة والسياسيين وهؤلاء بدورهم يتولون قيادة المجتمع نحو المستقبل الآمن النظيف من التلوث السياسي والاجتماعي والمحصن ضد النكسات والازمات على اختلافها ,مجتمع لا تكون الافضلية فيه لقضاء الوقت وانما لملئه بالعمل ,ومجتمع ينجب المبدعين اصحاب المبادرات لا المحبطين الشغوفين بالمناصب والوظائف المغمورين بطموحات تافهة كامتلاك سيارة ,مجتمع ينتج احزابا تقوم على افكاره ووعيه لا احزابا تستورد حتى الفكرة والايديولوجيا ,احزاباً اصلاحية تهتم بحياة الناس وطريقة عيشهم فتقدم لهم برامج ودراسات ومبادرات حول كيفية الصرف والانفاق مبنية على معيار العمل والجهد المبذول وتضع بين يدي الناس خطوط ثقافة جديدة غير استهلاكية ولا مترجمة قبل ان تنشر الوعي السياسي وقبل التفكير بتولي السلطة لقيادة البلد.