حكام بلا عروش
على الرغم من إعجابي الشديد بخطاب الرئيس محمود عباس في مقر منظمة الأمم المتحدة في نيويورك والذي طالب فيه بالموافقة على إعلان الدولة الفلسطينية دولة كاملة العضوية في المنظومة الدولية بالرغم من العقبات التي تعترض الموافقة عليه خاصة من امريكا واسرائيل .
وإعجابي بالخطاب لأنه مفصّل واتخذ عباس وقته الكافي لطرح جميع البنود المتعلّقة بالموضوع مثل الحدود والقدس واللاجئين والمياه والمستوطنات والجدار الفاصل والإحتلال والحواجز والمصالحة .......
ومع أنّ طريقة عباس هادئة في الإلقاء ولا تشابه اسلوب الرئيس الراحل ابو عمار في الإلقاء التمثيلي إلاّ انه استطاع ان يحوز على انتباه وتصفيق المستمعين له في القاعة .
ولكن تاريخ الرجل لا يعطي الآمان بمصداقية الطلب المطروح ففي حين كان يقبل أي شرط أو طلب من إسرائيل بل ويستجديها في اي طلب يريده مهما صغر ذلك الطلب ولكنّه الآن يستجدي حقّا من المنظّمة الدولية .
وقد طرح الطلب بصفته رئيسا لدولة فلسطين ( فترة منتهية دستوريّا ) وهنا مبعث الشفقة على فلسطين يطالبون بإعتبارها دولة من رئيس الدولة فهل هم حكام بلا عروش ولا شرعيّة .
ولكن الوضع امامه يبدوا صعبا للغاية فهذه المنظمة يهيمن عليها شلة من الدول الكارهة للعرب والمسلمين والمنحازين لإسرائيل أو المؤتمرون بأوامر امريكا التي بيدها حق الفيتو .
والإعجاب ايضا بالخطاب لأنه تجرأ فلسطيني على طلب شيئ ضد رغبة امريكا مهما كان ذلك أُحادي الجانب ام متفق عليه المهم ان الربيع الفلسطيني مرّ من هنا !!!
ومهما كانت السيناريوهات المتوقعة بعد تقديم الطلب غير مبشّرة بنهاية قريبة إلاّ ان الخطوة الأولى بدأت إلاّ إذا اختلقت اسرائيل اعذارا بعدم مشروعيّة التقديم بواسطة عبّاس بحكم انتهاء ولايته في الحكم ويجب سلوك الخطوات التشريعية أو كما جاء في الآنباء من ان الرباعية اجهضت المبادرة ودعت الى مفاوضات مدتها عام آخر تُعلن بعدها الدولة.
وبعد ان كانت القضيّة الفلسطينيّة قضيّة عربيّة اسلاميّة اصبحت قضيّة اسرائيليّة دوليّة نستجدي الدول لإيجاد حل تقبله اسرائيل لأننا من الممكن ان نقبل اي حل وحتّى ممكن ان نعود الى طاولة المفاوضات وبدون الشروط التي حدّدها ابو مازن في نفس الخطاب لأنّنا نستطيع تقديم مبرّرات لأي قرار وهناك الكثير من المستشارين الذين يستطيعون قلب الحقائق رأسا على عقب ظانّين انّ الشعوب العربيّة ما زالت على هبلها وتصدّق كل ما يُقال كما كانت قبل الربيع العربي .
لقد تغيّر الزمن وسارت عقارب الساعة الى الامام ولا يمكن ان تعود للخلف والأمل زاد بعودة الارض او جزء منها في القريب العاجل بعد ان نغيّر ما بانفسنا من بغض وحقد وحسد وفساد .
(إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)صدق الله العظيم
المهندس احمد محمود سعيد
دبي – 25/9/2011