... أحداث كثيرة توالت على البلاد منذ شهور ، نهوض شعبي يطالب بإصلاح النظام واستجابات حكومية متواضعة في بضع تعديلات دستورية شكلية لم تستجيب لمطالب الشارع ، ورشات عمل ولجان حوار دعا إليها الملك، وقوانين انتخابات برلمانية وبلدية صدرت بدون توافق ، انفرد مجلس الأعيان بقانون البلديات ليجعل منه قانون كان يصلح لفترة الخمسينات ليس إلا ، والخشية ان يمارس الأعيان نفس الدور في التعديلات الدستورية ويخالف كعادته توجهات النواب والشعب إن تعلق الأمر بتعديل المادة المتعلقة بالتجنيس وموضوع ازدواجية الجنسية للمواطن وحرمان تسلمه منصب وزاري في ضل سطوة أغلبية واضحة داخل المجلس قد تنسف كل ما قرره نواب الشعب لأنه يتعارض مع أجندتها ومصالحها ! فكان ان بات مجلس الأعيان عبئا وحجر عثرة في إقرار ما يطالب الناس به ويعملون من أجله ! فنضجت فكرة شعبية تطالب بحل مجلس الأعيان وإلغاء دوره بالكامل ، أو إجراء انتخابات خاصة بعضوية المجلس يساهم الناس باختيارهم تبعا لتاريخهم وخدمتهم للوطن والإخلاص له .
تطورات شهدتها الساحة على مستوى التحالفات الإقليمية ورغبة الأردن الإنضمام لمجلس التعاون الخليجي لا زالت بعض الدول تتحفظ بل وتماطل في الموافقة على انضمام الأردن خشية من تنامي الدور الأردني واتساع مجالاته على المستوى الأمني من جهة ، وبسبب ارتباط بعض الدول بعلاقات مع إيران التي تلعب دورا تحريضيا ضد تشكيل قوة عربية في مواجهة مخططاتها في منطقة الخليج والعراق وسوريا ، ولذلك قد تأخذ مسألة انضمام الأردن الى مجلس التعاون وقتا أطول مما يتوقع باستثناء بعض ما يمكن ان يحدث من توقيع اتفاقيات تتعلق بالتعاون الاقتصادي والتنسيق الأمني وهو أمر لا ترفضه تلك الدول بل وترحب بدعم الأردن وإسناده ، فإنضمام الأردن لمجلس التعاون ليس حلما يراود أبناء الشعب كما يعتقد البريك وبعض المتخوفين من دخولنا إلى المجلس ، ولو حافظنا على ثرواتنا وعملنا على تطوير واكتشاف ثروات أخرى لما احتجنا أن نهرول باتجاه الجنوب الخليجي ، ولو توفرت الإرادة والقرار لمحاربة الفساد وليس مأسسته لما احتجنا أن نتقلب في مضاجع الأغنياء على حساب كثير من الأشياء ! ولكن يبدو أن النظام وليس القدر بكل تأكيد هو المسئول عما لحق بنا من هزائم نفسية وسياسية واجتماعية حد أن يرفضنا بعض من لفظهم التاريخ والخلق والدين ، وبتنا كالأيتام على موائد اللئام ! فهل يستحق شعبنا أن يصل إلى ما وصل إليه بفعل سياساتنا وتخبطنا !
بالعودة إلى الداخل الأردني ، فقد شهدت الساحة خيوط مؤامرات حيكت من قبل بعض النخبة وبالتنسيق أو التشاور مع بعض السفراء الغربيين تتعلق بمطالبات سياسية واجتماعية لفئة من الشعب والتركيز على مشروع التجنيس الجماعي تحت مسمى المساواة بين الذكور والإناث بما يضمن تجنيس أبناء الأردنيات ، وهو مبدأ إسرائيلي مدان ويعني تفريغ الضفة من سكانها الأصليين من جهة وترحيل ما تبقى من الفلسطينيين إلى الأردن وإلغاء حق العودة ، وهو مشروع تنشطه وتحاول تطبيقه اتجاهات فلسطينية و وفلسطينية -أردنية تتناغم والمشروع الصهيوني مقابل رفض وتنديد أردني بتلك المؤامرة ، مما يفتح الباب أمام صراع هوية ووجود لم تكفي التصريحات الرسمية من طمأنة أبناء الأردن من عواقب سطوة وحرية نشاط تلك النخبة حتى اللحظة وسعيها لتمرير مشروع الوطن البديل وتصفية الأردن ، وقد نجحت على مدار الأيام الماضية بإعادة الأرقام الوطنية لعدد لا بأس منه من الذين سبق أن سحبت منهم الأرقام الوطنية رضوخا لتلك الضغوطات التي سيتلوها تجنيس ألاف أخرى في القريب العاجل ولم تعالج الحكومات مسألة التجنيس بعد قرار فك الارتباط لأسباب تتعلق بتلك المؤامرة وتسهيل الإعداد لمشروع الوطن البديل .
أسوأ تلك التطورات ما كشفته وثائق ويكيلكس وبعض ما كشفه البعض في الساحة عن وجود رموز أردنية تبوأت مناصب رفيعة ولا زال بعضها على رأس بعض السلطات أنهكوا البلاد بمسلكهم السياسي والاقتصادي ونهب أموال وخيرات البلاد وتوزيعها بطريقة العباسيين بمنح المال على المقربين والنواب ، نخبة من أبناء الوطن تورطت بصفقات تجارية كبرى وسمسرة ورشي وسرقة منح ومساعدات كانت تأتي للبلاد دون محاسبة أو متابعة تذكر لأسباب لا يعلمها إلا الضالعون بالمؤامرات تلك ! و يجدر بالنظام أن يحيلها لمحاكمات فورية تستجيب لمطالب الناس من أجل استرداد ما نهب وسرق على نفس الطريقة التي تتبع ألان لاسترداد بعض ما نهب من مؤسسة "موارد " ، أو أن يختفوا من تلقاء أنفسهم عن الساحة السياسية بالكامل قبل أن يقرر الشعب محاسبتهم حتى لو خالفوا بذلك توجهات النظام نفسه، ولا ادري كيف للبعض منهم أن يستمر بموقعه حتى اللحظة رغم ما أصابه من عار المؤامرة والفساد ، والأسوأ ان البعض يتداول أسمائهم لتولي مناصب رفيعة حتى اللحظة رغم كل ما اقترفوه بحق الوطن وبحق ثرواته .
إلى أين يتجه ألأردن لا أحد يعرف ! والى أين سيصل الحال بنا في ضل صمت النظام عن كل تلك التجاوزات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ارتكبها بعض رموزه والمقربين منه أمر لم نعد نجد له تفسير عقلي في ضل حماية رسمية تطرح ألف علامة استفهام! فهل بات ارتكاب المفاسد المالية والتعد على الوطن والتآمر عليه متطلب إجباري للدخول إلى عضوية الشرف في مؤسسة النظام ! وهل سيخرج من يرفض المشاركة بتلك اللعبة كما جرى مع محافظ البنك المركزي الذي قيل في استقالته أو تنحيته الشيء الخطير طال شخصيات وأسماء ومراكز قوى كانت تريد نهب المزيد من المال غير المراقب وغير المؤسس ! او تسمح بغسل الأموال غير المشروعة رغم قرار التحريم !وهل ستستمر سياسة تهميش وإقصاء أبناء الوطن المخلصين لترابه ونظامه مستمرة رغم كل تلك التطورات !
من حقنا أن نتساءل هنا ، هل يحتاج النظام إلى هزة أوسع وأعظم قوة من أجل ان يصحو من كبوته قبل أن يقول للناس انه لم يكن يعرف !!!
لازالت الأوراق بيد النظام ، ولا زالت الثقة موجودة بين النظام والشعب ، نخشى أن تختفي او تقل إن استمر الحال على ما هو عليه ، لأننا فعلا لا ندري ماذا أصاب نظامنا والى أين يتجه بنا ! ونقولها بصراحة لازلنا نخشى على الأردن ، لأننا عقلاء ولسنا مرضى ، نقرأ الواقع والأحداث والتطورات غير المفهومة وغير المريحة التي لازالت رائحة الفساد والمؤامرات تنبعث من بعض أطرافها وهي بلا شك لم تتوقف بل وتتجدد كل صباح .