نحن بلد فيه من السكان ما يزيد عن ستة ملايين نسمة بمساحة تتراوح حوالي تسعون الف كيلومتر مربع وبعجز في الموازنة قد يصل الى مليارين ونسبة البطالة فيه عالية والطبقة الفقيرة شريحة لا نستطيع السيطرة على توسعها المضطرد بإستمرار وتمثّل المديونيّة 65% من الناتج المحلّي فيه ويُعتبر من الدول العشرة الأفقر مائيا في العالم وليس لدينا من هبات الرب أغلى من قيادة حكيمة وإنسان صبور وما حبانا به من بعض الثروات .
ومع كل تلك المؤهلات لدينا من الوزراء العاملون حوالي الثلاثين والسابقون بالمئات ومن اعضاء مجالس إدارة بالعشرات ومدراء عامّون حاليون وسابقون بالمئات وكل تلك الأعداد العاملة والمتقاعدة تكلّف الدولة رواتب ضخمة وما زالت تهدر امكانات الدولة الشحيحة وتزيد من العجز السنوي للموازنة بإستمرار .
ألا يُمكن أن نتقّشف ولو لسنوات قليلة حتى نجتاز المرحلة الصعبة وان تكون الحكومةهي المبادر والنموذج لذلك والمثل الذي يُحتذى في القطاع الخاص وشرائح المجتمع المختلفة وأعني الشرائح الغنيّة منها مما يخفف الإستهلاك ويزيد من عجلة االإنتاج والتصدير ويُخفّف المستوردات وخاصّة الكماليّة منها .
ويبدأ تقشُّف الحكومة منذ تشكيلها بحيث تضُمُّ رئيسا وخمسة وزراء فقط للدفاع والداخلية والخارجية والمالية والتنميةوالخدمات(العدل والمياه والزراعة والصحة والتربية والتعليم والعمل والإتصالات والطاقة والصناعة والتجارة والتنمية الاجتماعية والسياسية والأوقاف والأشغال والبيئة ....) بحيث يُعين لكل دائرة من دوائر الخدمات مديرا ذو صلاحيات واسعة .
ونخفف من إستهلاكات الوقود ونرشد الإستهلاك والسفر والدعوات والضيافة وغيرها من نفقات يمكن الإستغناء عنها وخاصة الفشخرة الفاضية يرافق تلك الإجراءت التقشّفية محاسبة اهل الفساد وإسترجاع ما اُخذ بغير حق الى خزينة الدولة وتطبيق هيكلة جديدة تبدأ من الرواتب الفلكية فالرواتب العالية جدا وثم العالية وهكذا حتى يتحقق العدل نسبيا ولو استغرق ذلكعدّة سنين من الزمن ولكنّه يكون علاجل جذريا من كل الآفات التي نعاني منها.
وبموازاة تلك الخطى يكون الاردن قد خطى قليلا في برنامج الإنضمام لدول مجلس التعاون الخليجي كما ان القضية الفلسطينية تكون قد تحركت قليلا وتكون برامج الإصلاح التي يقودها جلالة الملك قد بدأت بالبلورة على ارض الواقع من خلال تطبيق القوانين الجديدة والتعديلات المُقرّة وتكون بواكير الديموقراطيّة قد هلّت وثقافتنا بدأت بالتطوّر وتفكيرنا تحوّل من فردي الى جماعي وتعاوني .
نحن شعب تحملنا الفاسدين كثيرا وآن لنا ان نتحمل الظروف الصعبة لسنين قليلة ولكننا سنشعر ان لكل ليل إصباح وأنّ صبحنا بات قريبا وليلنا أوشك على الأفول وما علينا إلاّ الصبر والتحمُّل لتُشرق شمس الحريّة على اطفالنا مليئة بالأمل .
ولكي تبدأ الجكومة بنقشّفها النموذج يجب علينا كشعب ان نبتعد عن التشكيك ونسج القصص واغتيال الشخصية العامّة فالرئيس ووزرائه هم منّا وهمّهم هو همّنا وحلمهم هو حلمنا وأطفالهم هم أقران اطفالنا وزيادة على ذلك هم سيتحملون المسؤوليّة والعبئ الأكبر نحو مستقبل افضل .
وليس بكبر عدد الوزراء تُصنع المعجزات وإنما بالإرادة المخلصة والعمل الدؤوب والحكمة في القرار تكون الإنجازات ونقترب من تحقيق المعجزات وتخيّل عندما نقلّص عدد الوزراء خمسة وعشرون وزيرا كم نوفّر رواتب وامتيازات ومراسم ونفقات اضافيّة وكم نحقق راحة إجتماعيّة في نفوس المواطنين والعبئ الأكبر يكون على وزير التنمية والخدمات ولكن الصلاحيات المعطاة لمدراء الدوائر التابعة له تخفف من اعبائه وتحقق التنمية المستدامة.
وتلك ليست هلوسات نائم أوفراشات حالم أو أنّات ناقم وإنما قد تكون هي احلام عاشق للوطن وطامح للأفضل لوطنه ومواطنيه وكما قال لي يوما رئيس وزراء في بلدي ان البلد ينقصها حُسن الادارة فبقليل من المال وكثير من حُسن التدبير والإدارة الناجحة نستطيع ان ننمّي ذلك المال ونصل للهدف الذي نريد تحقيقه ولكن كثير المال قد يضيع بسوء الإدارة وتضيع الأحلام.
(وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) صدق الله العظيم