د. عبد الحي زلوم
أبدأ بالموجز :
لو صدقت هاتان المقولتان فإننا نعيش بين حالتين احلاهما غباء ، وتغيير الوزارة والوزراء على نفس النهج الاقتصادي وتوقع نتائج مختلفة هو الجنون. وحيث أن الجميع يعرف ذكاء الاردنيين وانهم لا أغبياء ولا مجانين فالمطلوب نهج اقتصادي مختلف . وحيث أن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة فهذا يقتضي اعادة النظر في فرضياتنا وثوابتنا السياسية . ثوابت نظامنا الاقتصادي قد أوصلتنا الى طريق مسدود والى مديونية افقدتنا سيادتنا الاقتصادية وبالتالي السياسية، وسياسة القديم يبقى على قدمه في عالم يتسمُ بالتغيير السريع هي افضل وصفة للإنتحار والخروج من التاريخ. الاردن ونظامه مستهدفان وعملية التجويع الاقتصادي هي للتركيع السياسي .
والى التفاصيل:
***
من نبض الشارع:
قال لي السائق وهو يدخل أحد الأسواق التجارية الرئيسية في العاصمة هذا المحل على اليمين مغلق لأنه قد أفلس، وانظر إلى اليسار لترى يافطة للبيع بأسعار التصفية. ابن عمي تم الاستغناء عنه في شركة على وشك الإفلاس و لي قريب آخر صفى أعماله و ذهب بما تبقى له من رأسمال إلى تركيا . زميلي من ايام الجامعة يعمل مع أحد البنوك واخبرني إن الشيكات الراجعة لعدم وجود رصيد وصلت الى مستويات غير مسبوقة . قلت للسائق: يا لطيف شوية شوية ، من كلامك يبدو ان اقتصاد البلد خربان. فأجابني ليش حضرتك سائح ام مغترب؟ قلت له وما المشكلة برأيك. فقال الفساد وسوء الإدارة. سألته ماذا تعني. فقال يا أستاذ باعوها . فقلت باعوا ماذا؟ قال نحن نمر قرب شركة فرنسية اسمها أورنج كان اسمها قبل أن يبيعوها شركة الاتصالات الأردنية . هل تعرف ان شركات الاتصالات هي جزء من الأمن القومي، فهل تقبل الولايات المتحدة مثلا بيع شركة اتصالات لاجانب ؟ هل الشركة الفرنسية اشترت شركة الاتصالات هذه إذا لم تكن تربح أم لتزيد حسنة من حسناتها عند رب العالمين ؟ وألم يكن ربح شركة الاتصالات احد روافد خزينة الدولة والتي يستعيضون عنها اليوم بضرائب جديدة كل يوم؟ ثم لماذا بيع شركة توزيع المياه لشركة أجنبية أيضا؟ ألا يستطيع الأردنيون أن يديروا شبكة مياه؟ قلت له مستفزاً لكن هذه هي قوانيين العولمة وتحويل مؤسسات الدولة الى القطاع الخاص . فقال السائق يلعن أبو العولمة . قال لي السائق انت طلبتني عن طريق التلفون . شركتي التي أعمل بها الاجنبية لا تمتلك حتى سيارة واحدة . لا تمتلك سوى انظمة معلومات . أعتقد أنه يوجد 10 الاف سيارة في الاردن تدار من قبلها ويتم تحويل 20% من اجمالي الدخل السنوي لهذه الشركة الاجنبية . أنا أعمل ب800 ديناريومي. مجموع دخل كل السيارات 30 مليون دينار في السنة . يتم تحويل 20% منها الى الشركة الاجنبية بالعملة الصعبة . الا تستطيع الدولة أو القطاع الخاص أن يصنعوا انظمة معلومات وشركة وتوفير العملة الصعبة لتبقى داخل البلد ؟ بالله عليك عمرك سمعت حكومة تقول ان سبب المشكلة الاقتصادية هو تهريب كروزات دخان من سوريا؟ ضحكت وقلت له سمعت ان فريق اقتصادي من (فقهاء) اقتصاد البلد أرادوا حل مشكلة البلد الاقتصادية بتسعير الفلافل…. وصلنا الى بيتي وسألته قبل أن أغادر السيارة ما هي دراستك؟ فأجاب بكالوريوس إدارة أنظمة المعلومات.. و نصف الخريجين معي بدون عمل . شكرته وذهب كل منا في طريقه.
***
دع الارقام تتكلم :
الكاتبة الاردنية الدكتورة ميساء المصري كتبت قبل حوالي اسبوعين مقالين عن الاوضاع الاقتصادية في الاردن في جريدة راي اليوم جاء في أولهما :
-
” تشير دائرة الاحصاءات العامة ان 37.6% من الأسر الأردنية دخلها بين 208 و 625 دينارا شهريا , وهي تعتبر تحت خط الفقر للفرد الذي وصل الى 814 دينارا , إضافة الى ان 16.8% من فئة الأسر الأردنية دخلها بين 625 – 833 دينارا، وبذلك نستطيع القول ان 54.4 % من الأسر الأردنية تعيش تحت خط الفقر او على حد الفقر وفقا للمعلومات الرسمية، اي نحو أكثر من نصف الأردنيين فقراء. وهي نتيجة ممنهجة بقوة ورضخنا لها ولمسبباتها. ” وفي المقال الثاتي عن اوضاع مدينة الرمثا على الحدود السورية الاردنية
-
كتبت : "حلم فتح الحدود الأردنية- السورية وخاصة مركز جمرك جابر, أعاد الأمل لأكثر من250 ألف مواطن،هم عدد سكان الرمثا … خاصة و ان إغلاق الحدود أفقد أكثر من 30 ألف شخص أعمالهم في المدينة، فوصلت نسبة البطالة الى نحو 47 %، و أكثر من 1500 محل تجاري أغلقت كانت تعتمد على التجارة البينية مع سوريا, بل ان الرمثا أصبحت مدينة منكوبة. … بل ان عدد التجار الذين كانوا مسجلين في سجلات غرفة تجارة الرمثا عام 2011 بلغ 4800، والآن وصل عددهم الى 1000 تاجر.”