كم يظهر الجنرال معروف البخيت قويا، وهو يتصدى لكل الهجمات التي تستهدفه، يوما بعد يوم، وهي تزداد زخما و تتعدد أشكالها ، وأقولها بكل ثقة أن كل صحف العالم وأولها الجارديان البريطانية، ووثائق ويكليكس لن تثني ثقتي بالجنرال البخيت مثلما لن تستطيع بآلاف الورقات والوثائق "الويكلسيكية" أن تساوي وسام يتلفظ به كل متبحر في الشؤون السياسية عندما يقول عن البخيت " صاحب يد نظيفة" معتمدا على تاريخ البخيت المشرف بعدم اقترابه من المال العام وعيشه على راتبه فقط .
وقبل أن أقفز عما قيل في وثائق ويكليكس وما عادت نشره الجارديان واحتفت به الجزيرة ، فاني أبين أن كل ما كتب في هذه الوثائق عبارة عن رسائل للسفراء الأمريكان التي مرت عبر وشاة السفير، وخصوصا عرابهم باسم عوض الله عراب المحافظين الجدد وسياستهم الاقتصادية، فلم يكن يهمهم سوى شفط كل رؤوس أموال الشركات الاستثمارية، وكل من يشك في هذا فليراجع في هذا الشأن -وهنا اقصد الرأس المالي- لفريق بوش ورامسفيلد، وان كان ويكليكس أصبحت وكأنها كتاب سماوي ، فان شهادتنا لرجل تنبع من ارض الأردن وبنوكها التي تعجز أن تظهر أي مال أو رشوة منقولة للحنرال الذي جلس في مناصب تمكن أي شخص من صناعة الثراء السريع، ولكن البخيت، ظل عفيف اليد بينما يشتهر رؤساء وزراء الأردن بان الأغلب منهم إقطاعيين.
وقد تنتهي ولاية الحكومة في فترة قريبة، ولكن هذا لإرادة الملك وليس استجابة لقوى الضغط العكسي ضد الحكومة، الي تمكن فيها البخيت من السير بالأردن إلى طريق الأمان وهو يجتاز أسابيع وأشهر مليئة بالمسيرات، كان عليه أن يسمح لمسيرات التعبير عن الرأي، وفي ذات اللحظة يضبط مدها، وإيقاعها، وليتركها لتسير كالماء ، دون أن يقطعها أو يترك حجمها للزيادة. وهذا كان يحتاج لرجل سياسي ومخابراتي وعسكري، ولم يكن أي رئيس عادي القدرات ليصمد في تلك الفترة الصعبة جدا. فكيف تقاوم كل هذا الضغط القادم من الشارع وعليك أن تسير بهدوء ولكنك تمسك زمام الشارع، وعينك على القوى التي تبحث على أن تكون بالصف الأول.
الكثيرون يسعون لإسقاط البخيت، منهم بغير علم، وآخرون غرهم الإخبار المفبركة، أو ممن يغض النظر عن حسنات الرجل والتركيز على أخطاءه، وهناك من يريد صناعة بطولة إسقاط الحكومة الثانية في ظل الربيع العربي، وما بين نواب وسياسيين وحزبيين ومؤامرات تحاك في الليل والنهار،وهناك فئة تود تصفية حسابات 2007 بحيث كل من رشح نفسه يظن انه خسر بالتزوير ولأنه لا يستطيع التحدث عمن زور فعلا وقاموا في المهمة ، فانه يهاجم البخيت بل سمعت من احدهم وقد كان الفوز يستحيل له بأنه خسر الانتخابات لان البخيت أراد ذلك واقسم أن البخيت لم يسمع باسمه يوما .
تابعت أكثر م كتب وقيل في المسيرات عن البخيت، وان كنت احسد الرئيس على سعة صدره، ومع أن الباعث لها هو حبه لهذا الوطن ، و إصراره على البقاء بيمين الملك وحربه ضد الفساد وقوى الشد العكسي، وبعيدا عن تصفية حسابات بعض الإخوان أو القوى السياسية التي تريد إسقاط حكومة البخيت، فان أكثر ما يضحك أكثر ما يؤلم حرب بعض النواب على الحكومة.
النائب ناريمان الروسان مثلا تتعدى على الرئيس بعد التصويت على أخر بنود قانون البلديات،و تتهجم على الرئيس لعدم سحبه القانون. وبما انه من المعروف أن الروسان احد تلامذة دولة عبد الرؤوف الروابدة، فكان عليها الاستماع لوجهة نظر الروابدة على أن من أبعد القانون عن معناه هم النواب، بإقحامهم لجملة المجالس المحلية، وكان على الروسان أن توجه نقدها للمجلس الذي هي عضو فيه وليس للرئيس لتقول له :(نقصتك الجراة ) .
في تطور غريب ومسرحية هزيلة يؤسفني أن أحزاب كبيرة انساقت وراءها بعد تصريح احد النواب، بان رئيس الحكومة أرسل له من يعطيه مبلغ من المال، وبصراحة هذا الخبر لم يدخل عقلي أصلا، وتم نفيه حكوميا، في اليوم الثاني،والسؤال هل يعقل أن تختار الحكومة نائب من دون غيره لتعطيه المال .. ومع ذلك تنساق قوى معارضة وإعلامية وراء هذا الخبر أيضا ومثلما تصبح ويكليكس رسول لا يكذب يصبح النائب وقوله مقولة نطلب بها إسقاط الحكومة.
ما يؤخذ على معروف البخيت ثلاثة قضايا أولها أنه لا يستعمل المال الحكومي للإعلام والسياسيين، إلا بما وجب وحق، ويرفض الشهرة مدفوعة الثمن ، ومن ثم قضية الكازينو بالرغم من معرفة الأغلب أن هناك حكومة اقتصادية كانت تدار في الديوان المكي تسمى بحكومة الظل، هي المسؤولة عن معظم المشاريع المشابهة للكايزنو وكانت حجتها أن هذا الأمر أوامر عليا، وهل يعقل أصلا أن يحيط رئيس وزراء بتفاصيل كل مشروع سياحي أو استثماري، وأما قضية تزوير انتخابات 2007 فكان التدخل واجب لظروف سياسية محيطة فرضتها ظروف معينة، أما التزوير الفاضح وتقديم نخبة من الفاسدين وجهلاء السياسية فهذا كان من اختيارات رجال الباشا محمد الذهبي والذي تقاسم الكعكة مع السيد باسم عوض الله
اقضي كل يوم فترات طويلة وأنا أدافع عن رئيس الوزراء معروف البخيت، وأبين نقائه السياسي للكثير واكتفي بعد التوضيح السياسي بان نقارن بينه وبين غيره. من رؤساء الوزراء لندرك أن الرئيس هو رجل وطني بكل ما تحمل هذه الكلمة من إخلاص سياسي مهما اتفقنا أو اختلفنا معه.
Omar_shaheen78@yahoo.com