وصلتني رسائل عديدة من شخصيات تهتم بالعمل السياسي تناقش ما كتبته الأسبوع الماضي في هذه الزاوية ، حول حق جماعة الإخوان المسلمين أو أي حزب سياسي في السعي لأن يكون له دور في السلطة و الحكم و ذلك في الأصل هو مبرر إنشاء أي حزب سياسي ، و كما ذكرت بمقالي فإن جماعة الإخوان المسلمين ليسوا فقط جزءاً من مكونات المجتمع الأردني بل هم جزء من بنية النظام و هم أيضاً امتداد للتيار الإسلامي الذي هو التيار الأبرز حاليا في كل الساحات العربية.
و من بين الرسائل التي وصلتني رسالة من الزميل الصحفي المخضرم نبيل عمرو تمنى علي نشرها في هذه الزاوية و إنني إذ استجيب لما أراد بموجب مقتضيات الزمالة ولأن ما تضمنته الرسالة كان جديرا بأن يصل للقراء ، و هو أيضاً قد يفتح أبواب النقاش و الحوار و هذا هو نص رسالته:
أستميحك عذراً أن تنشر هذه العجالة ، انسجاما مع أهمية الموضوع الوارد في مقالتكم < الإخوان والأحزاب ومشروعية دورهم > في 2982011 في الدستور الغراء .
- إذ أتفق معك وحيث لا يختلف عاقلان على مشروعية ، لا بل أهمية دور الأحزاب في الحكم وتشكيل الوزارات في المملكة الأردنية الهاشمية ، حين تحظى بالأغلبية البرلمانية ولو بإئتلاف مع آخرين ، لأتوقف عند الإخوان المسلمين ، ليس من منطلق العداء لا سمح الله ، لهذا التجمع الأردني ، إنما هي وجهة نظر مطروحة للحوار والنقاش ، لعل يكون فيها نفع لمسيرة الإصلاح الشامل كضرورة لها ما بعدها في حاضر الأردن ومستقبله ، على ضوء المتغيرات العربية ، الإقليمية والدولية ما ظهر منها وما بطن ، وهي متغيرات تحمل في ثناياها أبعاداً مؤثرة وربما جذرية على الواقع العربي ، من حيث الإصطفافات ، التحالفات والأدوار .
- أما جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ستبقى محط احترام كأشخاص ، وستبقى حالة إشكالية في العملية الإصلاحية الشاملة التي يسعى نحوها الأردنيون ، وقوامها الوصول إلى دولة مدنية تسودها الحرية ، الديموقراطية ، العدالة الاجتماعية ، الحرية الشخصية ، حرية الاعتقاد ، المساواة الإنسانية بين مكونات المجتمع ، حقوق الإنسان ، المرأة ، الطفل ، ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها، كما نصت عليها الأنظمة ، القوانين ، الأعراف والإتفاقيات الدولية ، حيث أن الأردن ليس في مجرة نائية عن بقية العالم ، بل هو منخرط حتى النخاع العظمي في مجريات الأحداث السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية والأمنية في الإقليم والعالم ، كما وليس خافيا أن الأردن رُغم صغر حجمه ومحدودية موارده ، يعتبر دولة محورية في السياسة الدولية ، على الأقل بسبب إندماجه العضوي في قضية فلسطين ، وبسبب جغرافيته كأطول حدود مع إسرائيل ، التي تعتبر المصلحة رقم واحد عند أمريكا خاصة والغرب عامة، إن لم يكن عند جميع الدول المؤثرة في القرار الدولي ، ومن ثم يأتي النفط .
- لماذا أرى الجماعة على هذا النحو...؟
- ربما كان الدين فاعلاً في السياسة حتى نهاية عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أما بعد ذلك فتحولت السياسة والحكم إلى مصالح ، فئوية ، قبلية ، اقتصادية يُهيمن عليه المُقتدرون ، المُتنفذون ومن يستحوذون على عناصر القوة بمختلف أدواتها ، وهو ما دفع إلى شرذمة المسلمين ليصبحوا أكثر من سبعين فرقة ، وكل فرقة مهما كبرت أو صغرت تدعي أنها الإسلام الصحيح والوحيد ، فكيف يكون الحال في هذا العصر ، الذي أصبح فيه العالم بتعداد سكانه الذي يزيد عن ستة مليارات نسمة ، يعيشون في قرية كونية أصغر من الربة ...؟ يتداولون المعلومات والثقافات والإحداثيات ثانية بثانية ، كيف يكون الحال بالإبقاء على دمج الدين بالسياسة ، بما في هذا المعنى من مغالطات عند الحديث عن الحرية والديموقراطية من قبل الإخوان المسلمين ، قبل أن يجري الفصل بين الدين "" الشوري ، العزم ، التوكل "" وبين السياسة وصندوق الاقتراع كعنوان للديموقراطية ، وما معنى الحرية التي سعت إلى منع مهرجان جرش ، وتحد من تطوير السياحة كأهم روافد الاقتصاد الأردني ، وما معنى أن أتعرض وغيري لكل معاني التعهير حين نذهب بحثا عن الدولة المدنية العصرية، وقد يصفوني بالزندقة ويرموني في الجحيم ، إذ يعتبرون أنفسهم أوصياء على الدين الإسلامي وأنهم الحقيقة المطلقة وأنهم الطريق إلى الجنة، وما دونهم موضع شك وريبة، فيما قد أكون أقرب إلى الله مما يظنون .
- ليس لي أو لغيري كيف يصل الإنسان إلى ربه ، بعد أن ظهر الرشد من الغي وإنتفى عهد الجهل والجاهلية ، فالإخوان المسلمين وكل صاحب عقيدة سماوية أو وضعية حر في عقيدته ، لكن ليس من حقه أن يُرهب الآخرين بمحتويات هذه العقيدة مهما بلغ سموها ، خاصة حين يتعلق الأمر بالفعل السياسي وحتى الاجتماعي والشخصي ، ما دام الآخر لا يسبب إيذاءً لغيره ويحرص على احترام المثل العليا للآخرين ، لا يعتدي ولا يشتم ولا يُقصي صاحب رأي ، مهما يختلف معه كموجب ديموقراطي .
- أخي راكان
- وأنا أتفهم إنحيازك للحرية والديموقراطية وأهمية الحياة الحزبية وتداول السلطة، فقد أردت من هذه العجالة تعزيز هذا الإنحياز على أسس مدنية عصرية ، تنسجم مع الواقع الموضوعي للأردن الغارق حتى النخاع العظمي في الإشكالية الفلسطينية ، تداعياتها ومخاطرها ،في الوقت الذي يريد فيه الأخوان المسلمون في الأردن، حمل بطيختين ضخمتين بيد واحدة ، يريدون الساسة والدين معاً في الوقت الذي ذهب فيه المركز العالمي للجماعة في مصر ، ولو تكتيكياً بفصل الدين عن السياسة عبر حزب مدني < الحرية والعدالة> ، فيما كان الشيخ راشد الغنوشي منسجما مع الحقيقة التونسية إلى أبعد الحدود ، ومنذ زمن بعيد عبر حزب النهضة ، ولم يضير الشيخ الغنوشي القول : إننا لن نعيق لبس المايوه "البكيني" على الشواطئ التونسية ، ولن نمنع محلات المشروبات الروحية وأماكن الترفيه، حسب ما أوردت وسائل إعلامية على لسانه ، ناهيك عن التجربة الماليزية والتجربة التركية الأكثر أهمية وإتساقا مع مقتضيات السياسة العصرية ، فنحن لسنا ضد أشخاص الإخوان المسلمين أو كيف يذهبون إلى الله القدير ، نحن في المملكة الأردنية الهاشمية نريد تعديلات دستورية ، إصلاحات سياسية حقيقية ، تداول سلطة واحتكام لصناديق الاقتراع في دولة مدنية عصرية ناجزة ، وكل عام وأنتم والوطن والشعب والإخوان المسلمين بخير.
rakan1m@yahoo.com
و من بين الرسائل التي وصلتني رسالة من الزميل الصحفي المخضرم نبيل عمرو تمنى علي نشرها في هذه الزاوية و إنني إذ استجيب لما أراد بموجب مقتضيات الزمالة ولأن ما تضمنته الرسالة كان جديرا بأن يصل للقراء ، و هو أيضاً قد يفتح أبواب النقاش و الحوار و هذا هو نص رسالته:
أستميحك عذراً أن تنشر هذه العجالة ، انسجاما مع أهمية الموضوع الوارد في مقالتكم < الإخوان والأحزاب ومشروعية دورهم > في 2982011 في الدستور الغراء .
- إذ أتفق معك وحيث لا يختلف عاقلان على مشروعية ، لا بل أهمية دور الأحزاب في الحكم وتشكيل الوزارات في المملكة الأردنية الهاشمية ، حين تحظى بالأغلبية البرلمانية ولو بإئتلاف مع آخرين ، لأتوقف عند الإخوان المسلمين ، ليس من منطلق العداء لا سمح الله ، لهذا التجمع الأردني ، إنما هي وجهة نظر مطروحة للحوار والنقاش ، لعل يكون فيها نفع لمسيرة الإصلاح الشامل كضرورة لها ما بعدها في حاضر الأردن ومستقبله ، على ضوء المتغيرات العربية ، الإقليمية والدولية ما ظهر منها وما بطن ، وهي متغيرات تحمل في ثناياها أبعاداً مؤثرة وربما جذرية على الواقع العربي ، من حيث الإصطفافات ، التحالفات والأدوار .
- أما جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ستبقى محط احترام كأشخاص ، وستبقى حالة إشكالية في العملية الإصلاحية الشاملة التي يسعى نحوها الأردنيون ، وقوامها الوصول إلى دولة مدنية تسودها الحرية ، الديموقراطية ، العدالة الاجتماعية ، الحرية الشخصية ، حرية الاعتقاد ، المساواة الإنسانية بين مكونات المجتمع ، حقوق الإنسان ، المرأة ، الطفل ، ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها، كما نصت عليها الأنظمة ، القوانين ، الأعراف والإتفاقيات الدولية ، حيث أن الأردن ليس في مجرة نائية عن بقية العالم ، بل هو منخرط حتى النخاع العظمي في مجريات الأحداث السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية والأمنية في الإقليم والعالم ، كما وليس خافيا أن الأردن رُغم صغر حجمه ومحدودية موارده ، يعتبر دولة محورية في السياسة الدولية ، على الأقل بسبب إندماجه العضوي في قضية فلسطين ، وبسبب جغرافيته كأطول حدود مع إسرائيل ، التي تعتبر المصلحة رقم واحد عند أمريكا خاصة والغرب عامة، إن لم يكن عند جميع الدول المؤثرة في القرار الدولي ، ومن ثم يأتي النفط .
- لماذا أرى الجماعة على هذا النحو...؟
- ربما كان الدين فاعلاً في السياسة حتى نهاية عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أما بعد ذلك فتحولت السياسة والحكم إلى مصالح ، فئوية ، قبلية ، اقتصادية يُهيمن عليه المُقتدرون ، المُتنفذون ومن يستحوذون على عناصر القوة بمختلف أدواتها ، وهو ما دفع إلى شرذمة المسلمين ليصبحوا أكثر من سبعين فرقة ، وكل فرقة مهما كبرت أو صغرت تدعي أنها الإسلام الصحيح والوحيد ، فكيف يكون الحال في هذا العصر ، الذي أصبح فيه العالم بتعداد سكانه الذي يزيد عن ستة مليارات نسمة ، يعيشون في قرية كونية أصغر من الربة ...؟ يتداولون المعلومات والثقافات والإحداثيات ثانية بثانية ، كيف يكون الحال بالإبقاء على دمج الدين بالسياسة ، بما في هذا المعنى من مغالطات عند الحديث عن الحرية والديموقراطية من قبل الإخوان المسلمين ، قبل أن يجري الفصل بين الدين "" الشوري ، العزم ، التوكل "" وبين السياسة وصندوق الاقتراع كعنوان للديموقراطية ، وما معنى الحرية التي سعت إلى منع مهرجان جرش ، وتحد من تطوير السياحة كأهم روافد الاقتصاد الأردني ، وما معنى أن أتعرض وغيري لكل معاني التعهير حين نذهب بحثا عن الدولة المدنية العصرية، وقد يصفوني بالزندقة ويرموني في الجحيم ، إذ يعتبرون أنفسهم أوصياء على الدين الإسلامي وأنهم الحقيقة المطلقة وأنهم الطريق إلى الجنة، وما دونهم موضع شك وريبة، فيما قد أكون أقرب إلى الله مما يظنون .
- ليس لي أو لغيري كيف يصل الإنسان إلى ربه ، بعد أن ظهر الرشد من الغي وإنتفى عهد الجهل والجاهلية ، فالإخوان المسلمين وكل صاحب عقيدة سماوية أو وضعية حر في عقيدته ، لكن ليس من حقه أن يُرهب الآخرين بمحتويات هذه العقيدة مهما بلغ سموها ، خاصة حين يتعلق الأمر بالفعل السياسي وحتى الاجتماعي والشخصي ، ما دام الآخر لا يسبب إيذاءً لغيره ويحرص على احترام المثل العليا للآخرين ، لا يعتدي ولا يشتم ولا يُقصي صاحب رأي ، مهما يختلف معه كموجب ديموقراطي .
- أخي راكان
- وأنا أتفهم إنحيازك للحرية والديموقراطية وأهمية الحياة الحزبية وتداول السلطة، فقد أردت من هذه العجالة تعزيز هذا الإنحياز على أسس مدنية عصرية ، تنسجم مع الواقع الموضوعي للأردن الغارق حتى النخاع العظمي في الإشكالية الفلسطينية ، تداعياتها ومخاطرها ،في الوقت الذي يريد فيه الأخوان المسلمون في الأردن، حمل بطيختين ضخمتين بيد واحدة ، يريدون الساسة والدين معاً في الوقت الذي ذهب فيه المركز العالمي للجماعة في مصر ، ولو تكتيكياً بفصل الدين عن السياسة عبر حزب مدني < الحرية والعدالة> ، فيما كان الشيخ راشد الغنوشي منسجما مع الحقيقة التونسية إلى أبعد الحدود ، ومنذ زمن بعيد عبر حزب النهضة ، ولم يضير الشيخ الغنوشي القول : إننا لن نعيق لبس المايوه "البكيني" على الشواطئ التونسية ، ولن نمنع محلات المشروبات الروحية وأماكن الترفيه، حسب ما أوردت وسائل إعلامية على لسانه ، ناهيك عن التجربة الماليزية والتجربة التركية الأكثر أهمية وإتساقا مع مقتضيات السياسة العصرية ، فنحن لسنا ضد أشخاص الإخوان المسلمين أو كيف يذهبون إلى الله القدير ، نحن في المملكة الأردنية الهاشمية نريد تعديلات دستورية ، إصلاحات سياسية حقيقية ، تداول سلطة واحتكام لصناديق الاقتراع في دولة مدنية عصرية ناجزة ، وكل عام وأنتم والوطن والشعب والإخوان المسلمين بخير.
rakan1m@yahoo.com