أخبار البلد - من يبدأ الحرب سيخسر نصفها!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدكتور: رشيد عبّاس
يبدو ان معادلة الحرب التقليدية والتي عرفناها سابقا والتي تنص على ان (الانتصار لصاحب الضربة الاستباقية الاولى) يبدو انها لم تعد صالحة في هذا العصر, عصر الحرب المعلوماتية, فقد درسنا في كتب التاريخ وان كان بعضها فيه شيء من التزوير والدس درسنا ان صاحب الضربة الاستباقية الاولى الذي كان يفاجئ الطرف الاخر بضربته الاستباقية العسكرية السريعة لا يستطيع معها الطرف الاخر باي شكل من الاشكال التصدي والرد المباشر لها وبالتالي خسارة المعركة نتيجة لفقدانه على الاقل نصف قدراته القتالية نتيجة لعنصر المفاجئة,..هكذا مرت لغة الحروب السابقة بين الشعوب والامم على مر الازمنة.
واليوم في هذا العصر, عصر المعلومة, فان عنصر المفاجئة في الضربات العسكرية الاستباقية لم يعد صالحا فقد تلاشى تدريجيا وأنتهى لصالح تكنولوجيا المعلومات المتطورة, فتكنولوجيا المعلومات قادرة من تمكين اية دولة ومهما كانت بسيطة تمكينها من لحظة متى ستبدأ ساعة الصفر لأي هجوم سيشن ضدها, الامر الذي يجعلها قادرة على استيعاب الضربة الاولى وامتصاص آثارها, وربما عمل ضربة معلوماتية معاكسة قد تكون الاقوى والاشد وطأة ضد الخصم, وهذا يؤكد بطلان النظرية العسكرية التقليدية التي تقول (الانتصار لصاحب الضربة الاولى), وقبول نظرية عسكرية حديثة تنص على ان (من يبدأ الحرب سيخسر نصفها) بحكم المعلومات الاستباقية التي يمتلكها الطرف الاخر.
المتابع لمخططات وخرائط الحرب القادمة يجد دون ادنى شك ان جميع سيناريوهات الحرب مفتوحة الابواب بين الدولتين العظمتين روسيا وامريكا على مصراعيها, ولا نعرف بالضبط من ستبدأ الحرب التكتيكية اولا في الوقت الذي اشارت فيه (زاخاروفا) المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية على تصريح المندوبة الأمريكية لدى الناتو(هاتشيسون) بتهديد الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية استباقية مفاجئة لروسيا, لتحذر(زاخاروفا) بطرية غير مباشرة ان من يبدأ الحرب سيخسر على الاقل نصفها, وان الذي يقوموا بتهديد روسيا لا يدركوا عواقبها، ولا يعون مدى خطورة هذه اللهجة, واردفت قائلة على الديبلوماسية الأمريكية أن تبذل جهودا كبيرة من أجل محو آثار هذا التهديد, وكأني بها تقول ان لغة الحرب اليوم تغيرت عن الامس,..وبالذات في مفهوم الضربات الاستباقية.
اعتقد في قادم الايام ان الدول التي ستعمل على تغيير مفهوم الضربات الاستباقية من مفهومها العسكري إلى مفهومها المعلوماتي ستنتصر, فمفهوم الضربة الاستباقية التي تأخذ بعدا معلوماتيا أكثر من بعدها العسكري من خلال تطوير أدوات معلوماتية سيكون لها الدور الاكبر في ادارة العالم باسره, والمؤشرات تُدلّل على ان مجموعة الدول المعلوماتية مرشحة اكثر من غيرها لتبنى سياسة الضربات الاستباقية من خلال تحليل المعلومة وتوظيفها,..نعم دول توظيف (المعلومة) الجديدة والحديثة بطريقة صحيحة ستنتصر في نهاية الامر على دول الضربات الاستباقية العسكرية, ومهما كان السلاح العسكري متطور فلا يستطيع احد مفاجئة الخصم به اذا كانت (المعلومة) عن الخصائص الفنية لتلك السلاح متوفرة ..متى وكيف سيتم استخدامها, عندها تصبح الضربات الاستباقية العسكرية فيه شيء من العبث, لتبقى الضربات الاستباقية المعلوماتية هي سيدة ساحات القتال في قادم الايام.
وبعد, لقد اصبح بالإمكان (تحليل المعلومة) بدقة عالية ومن ثم معرفة ما يجول بخاطر الخصم, ذلك الخصم الذي يجلس في غرفة العمليات وعلى مسافة آلاف الأميال, ومن ثم العمل على معالجة الضربات العسكرية الاستباقية مسبقا,..انها الضربات الاستباقية المعلوماتية, والسؤال المطروح هنا هو هل لدينا في العالم العربي مراكز (تحليل المعلومات العسكرية), من اجل توظيفها في المستقبل كضربات استباقية معلوماتية ضد اعداء هذه الامة؟ في الوقت الذي يطور فيه اعداءنا هذه الاستراتيجية او ربما اكتمل لديهم هذا الانجاز؟
الجواب تجدونه عند دودة الحاسوب (Computer worm) وهي برامج صغيرة قائمة بذاتها غير معتمدة على غيرها صنعت للقيام بأعمال تدميرية أو لأغراض سرقة بعض البيانات ومعالجتها ومن ثم إلحاق الضرر بها, وتمتاز هذه الدودة بسرعة الانتشار والتوسع ويصعب التخلص منها نظراً لقدرتها الفائقة على التكيف مع جميع الظروف.