بسهولة تلتقط العين السياسية اليوم حجم الاستدارة الاردنية نحو روسيا بعد ان بدأت المفاعيل على الارض تفرض واقعها على المسار السياسي، فالجنوب السوري اليوم بات يضغط على العصب الاردني بشكل اقل من الفترة السابقة لكنه مفتوح على احتمالات التصعيد حال انفلات الخيط من اليد الروسية او السماح بانفلاته لمزيد من الضغط على الاردن الذي استوعب مؤخرا فصيلين مقاتلين في المنطقة الحرام بين حدوده والحدود السورية مراهنا على اتفاقه مع الروس على مناطق التوتر المنخفض .
الاردن يستشعر ان العلاقة مع روسيا باتت طوق النجاة لمشكلاته الداخلية الناجمة عن اشتعال الاقليم، فالروس اكثر التزاما بالاتفاقات واقل مناورة عكس الطرف الامريكي المهتم اولا واخرا بأمن دولة الاحتلال دون مراعاة لهواجس الاردن والاردنيين، ولعل اختيار الطرف الروسي زيارة بغداد والرياض وعمان مؤشر على الملفات التي سيناقشها الجانب الروسي مع القيادة الاردنية المشغولة اليوم بملفات واقعة داخل المثلث العراقي السوري الاردني بالاضافة الى القاطع الفلسطيني الذي ينشغل اليوم باجندة القمة الثلاثية بين الرئيس ترامب وعباس ونتنياهو مع امكانية لقاء عابر مع الرئيس عباس وقمة مع نتنياهو .
روسيا عبر امتلاكها ناصية القرار على الحدود الاردنية العراقية والسورية اما بشكل مباشر كما في الحدود السورية او بشكل مؤثر على الحدود العراقية تسعى الى جذب الاردن نحو محورها ولذلك تقدم الادارة الروسية تسهيلات للاردن ووعودات قابلة للتحقيق على هذا المسرب، فالطريق الى بغداد سالكة رغم المنغصات الايرانية التي يمكن تجاوزها بموانة روسية وعودة السفير الاردني الى طهران والاهم اعادة فتح معبر نصيب مع الشقيقة سوريا بعد امساك الجيش السوري بإحكام للارض الجنوبية وقدم الاردن رسالة تطمين الى الرئيس السوري بتسليمه الطيار .
الاردن الذي يشعر بخذلان خليجي امريكي، بدأ في تحضير بدائله لهذا الخذلان الناجم عن عدم القبول الاردني لمواقف دول الخليج والادارة الامريكية في الملف السوري وليس سوى الدب الروسي القادر على تعويض هذا الخذلان بعد ان بدأت الدولة السورية بدعم روسي في تحقيق نجاحات على الارض اثمرت عن انقلاب في المواقف الدولية حيال الازمة السورية كان اخرها الانقلاب الفرنسي الذي اسقط شرط اسقاط الاسد في اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الفرنسي بنظيره الروسي .
الاردن الذي دفع ثمن بقائه على الحافة في الازمة السورية ينتظر ان يقطف ثمار عدم التورط، ويبدو ان الطرف الروسي سيحقق له ذلك على مسارين، الاول في مسار الازمة السورية وفتح معبر نصيب وكذلك فرض تسهيلات على معبر طريبيل العراقي والمسرب الثاني هو دعم الموقف الاردني في التسوية الفلسطينية التي تتفاعل على ايقاع اطلاق المفاوضات بعد الجمعية العامة للامم المتحدة نهاية الشهر الجاري دون التزام امريكي بحل الدولتين؛ ما يسبب صداعا شديدا للرأس الاردني الذي يدرك ان اي حل قائم على غير حل الدولتين سيكون على حسابه الوطني والسياسي .
الاردن بدأ ينتشي قليلا بعد التقارب مع روسيا وبداية فكفكة ازمة الخليج الداخلية رغم التراجع السريع في افاق الحل الذي ابتدأ بهاتف امير قطر مع ولي العهد السعودي، لكنه تراجعٌ يمكن تجاوزه اذا ما مارست روسيا دورا ووساطة وكذلك على القاطع السوري الذي بدأت ملامحه تميل لصالح الرأي الروسي وسيكتمل هذا الانتشاء بالموافقة السعودية على تذويب جبهة النصرة بعد مرحلة الصمت ويبدو هذا الامر قادما بسرعة.
omarkallab@yahoo.com