الحساسية المجتمعيّة: ديمقراطيّة أم استبداد؟

الحساسية المجتمعيّة: ديمقراطيّة أم استبداد؟
أخبار البلد -  


تناول غيرُ قلمٍ واحد ما تعنيه حوادثُ اغتيال الحريّات الفرديّة عندنا، وتغوُّلُ الأمن والحكم على هذه الحريات التي حماها القانون والشّرع، باسم مسميّاتٍ شتى، مرةً باسم "حُرمة الشهر الفضيل"، ومرةً باسم "حساسية المجتمع" تجاه حرية الأفراد في الإفطار أو الصوم. ولمّا أنَّ غير قلمٍ تنويريٍّ وتقدّميٍّ قد تحدَّث عن هذه الحساسية المجتمعيّة، وضرورة أن "يراعيَها" التنويريّ، سوا أكان مفطراً في رمضان، أم شغوفاً بموسيقى بعينها، مثل "مشروع ليلى"، فقد رأيتُ أنَّ هذا المصطلح الذي بدا جديداً في النقاش الدائر اليوم، بمعناه المطروح، لا بدَّ أن يُناقَشَ ويُفَكَّكَ لبيان ما فيه من خديعةٍ تُفضي إلى منتهاها في العدوان على الديموقراطيّة، وتأييد الاستبداد.

فما الحساسية المجتمعيّة؟
تسندُ الأقلام إلى الحساسية الاجتماعيّة أنَّها المشاعر والأفكار التي يحملُها مجتمعٌ ما تجاه قضايا بعينِها، وأنَّ هذه المشاعر والأفكار ينبغي على الآخر المختلف من داخل المجتمع ومن خارجه، "احترامُها" و"الامتناعُ عن انتهاكها"!! وغالباً ما يُطرَح موضوع "الحساسية المجتمعيّة" على أنَّه حساسية الأغلبية السكانيّة، التي تنتمي لدينٍ أو عقيدةٍ أو تقاليد ترى أنَّها تتميّزُ بها، وغالباً تتميّز بها على غيرها. أي أنَّ المجتمع الذي يحملُ هذه المشاعر يظنُّ في نفسه الأفضلية على سائر البشر والمجتمعات والأفراد، بحيثُ لا يجوز لهذه المجتمعات الأخرى والأفراد التصرّفُ علناً بما يوحي برفض لهذه المشاعر والأفكار، التي تنزلُ مع الوقت منزلة التقديس.
ولكي أوضّح الفكرةَ أكثر، فلا بدَّ من أن أضربَ على ذلك مثاليْن حَيّيْن هما الدفاع عن قانون منع الإفطار العلني في رمضان الذي أيَّده من أصحاب هيمنة الأغلبية المسلمة السنّيّة باسم "حرمة رمضان"، كما أيَّده من يعلنُ رايةً تنويريّة باسم "الحساسية المجتمعيّة". والمثال الآخر هو إلغاء مشروع ليلى الموسيقي بحجة أنَّه "ليس من عاداتنا وتقاليدنا"، أو أنه "يخدش الحساسية المجتمعيّة".
من حيثُ المبدأ يأخذنا نقاشُ الطرفين؛ صاحب "حرمة" شهر يلتزم به المؤمنون بالصوم ويجبرون الآخرين عليه في مجتمع الأغلبية المسلمة، وصاحبُ "الحساسية المجتمعيّة" من التنويريين، بُعداً استبداديّاً شعبيّاً باسم الدين، وهو مما يتناقضُ جوهريّاً مع المناداة بالديمقراطيّة من جهة، أو العلمانيّة من جهةٍ أخرى. فالمجتمعات المستقرّة على الديمقراطيّة، تسمحُ بحكم الأغلبية لأنها تلجأ إلى الانتخابات، ولكنها لا تسمحُ بالتطاول على حقوق الأقليات العددية، أو حقوق الأفراد في فضاءٍ متساوٍ في الاستعمال من جميع الفئات والأطراف. بعبارةٍ أخرى، إن الحديثَ عن "حساسية مجتمعية" يُبطنُ انحيازاً، وغالباً غير واعٍ، لاستبداد الأغلبية المذهبية أو العقديّة أو المؤمنة، يُمنَعُ فيه المختلِفُ ديناً أو إيماناً أو ذائقةً فنيّةً من أن يستعمل الفضاء العام في الحدود التي لا تكسرُ القوانين الطبيعيّة التي تنطبقُ على الأطرافِ كلِّها.
ويبدو أن "الحساسية المجتمعيّة" خاصّةٌ فقط بمجتمعٍ داهمته السلفيةُ، وتمكّن فيه الإخوانُ من مفاصله. فهذه الحساسية ليست موجودة مثلاً في دولٍ مثل لبنان ومصر وتونس وسورية، وهي دولٌ تتمتعُ بأغلبية عددية من المسلمين. ولم تُحمَ هذه الحساسية بقانونٍ قمعيٍّ تنافقُ فيه السلطةُ الإسلامَ السياسي أو بتصريحاتِ صناع قرار لمنع "المجاهرة بالإفطار"!! مما يشيرُ إلى خلل جوهريٍّ يعني أن طريقَ الديمقراطيّة لدينا كاذبٌ وتجميليّ، وأنَّ الوعيَ على الحريات العامة والفرديّة لدى نخبنا، إن جاز التعميم، منقوص، ولا يرى كيفَ تتلطى "الدولة الدينيّة" وراء مصطلحاتٍ مُبهَمةٍ، يروّجُ لها أفرادٌ هم في الواقع ضدّ الدولة الدينيّة أساساً.
ومع ذلك لا يمكنني إلا أن أحتفي بالأمل..!

 
شريط الأخبار العجلوني : نتائج الشامل الدورة الصيفية 2024 يوم الأربعاء الموافق 2/10/2024 بسبب حذائها الأحمر.. موقف محرج لوزيرة الخارجية الألمانية في شوارع نيويورك (صور) 1238 باخرة رست على أرصفة ميناء العقبة الجديد وميناء الركاب في 2024 «حماس» تعلن مقتل قائدها في لبنان وعضو قيادتها في الخارج، فتح شريف أبو الأمين، مع بعض أفراد عائلته في ضربة إسرائيلية في جنوب لبنان راقصة مصرية تكشف عن طلب وزير خارجية أميركي سابق الزواج منها اجواء خريفية معتدلة فوق المرتفعات اليوم وانخفاض الحرارة غدًا تحويل مستحقات مراقبي ومصححي التوجيهي للبنوك يوم غد الثلاثاء وفيات الاردن اليوم الاثنين 30/9/2024 أوامر بالابتعاد عن المنطقة فورا.. حريق ضخم في مختبر للكيماويات بولاية جورجيا الأمريكية (صور + فيديو) .. "حزب الله" اللبناني ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي أول تصريح أمريكي عن نوع السلاح المستخدم في اغتيال نصر الله خلال ملتقى الاتصال.. إعلاميون وسياسيون أردنيون وعرب يحذرون من مخططات الاحتلال ترامب: بايدن أصبح متخلفا عقليا أما هاريس فولدت هكذا تحذير جديد من طائرات بوينغ.. ما القصة؟ وزيرة النقل تتفقد مطار عمان المدني التعليم العالي: فرصة أخيرة لتسديد الرسوم الجامعية للطلبة الجدد حتى 5 تشرين الأول "الطاقة والمعادن" ترفض 4 طلبات تتعلق بقطاع النفط ومشتقاته بتوجيهات ملكية.. الأردن يرسل طائرة مساعدات ثانية إلى لبنان الملك يتابع عملية تجهيز مستشفى ميداني أردني للتوليد والخداج سيرسل لغزة قريبا كلاب ضالة تنهش طفلاً حتى الموت في مادبا