مطلع هذا الأسبوع تصدت قوات حرس الحدود الباسلة لمجموعة من الإرهابيين لدى محاولتهم اجتياز حدودنا، وقد تم القضاء عليهم في اشتباك أدى إلى تدمير دراجاتهم النارية الثلاث، وجرح أحد أفراد دورية الحراسات، وليس هذا الحادث سوى واحد من مئات الحوادث، ومحاولات الاختراق للجماعات الإرهابية سواء من أجل استهداف جيشنا وقواتنا الأمنية، أو عمليات تهريب المخدرات التي ليست بعيدة عن فكرة استهداف الأردن كله.
التصريحات المسربة لوسائل الإعلام، والتقارير الصحفية تتحدث عن حشود عسكرية هائلة، وتشير إلى قرب اندلاع حرب الجنوب السوري، أي على حدودنا الشمالية، وما أصبحنا ندركه جميعا هو أن قواتنا المسلحة والأجهزة التابعة لها تراقب الموقف عن كثب، وتقوم بتحليل معطياته بشكل متواصل، ومن دون الخوض في التفاصيل التي نعرفها بحكم القراءة الموضوعية للوضع، وليس بحكم المعلومات الدقيقة فإن الحرب الحاسمة على حدودنا مسألة وقت، والأهم من ذلك أن نتائجها ستكون حاسمة بالنسبة لمجمل الوضع في سوريا، وبالنسبة للشكل الأمني الذي ستكون عليه حدودنا لاحقا.
نـحن لسنا طرفا في حرب، ولكن الحرب على حدودنا، وما من دولة في العالم تشتعل حرب على حدودها إلا وكانت مضطرة لاتخاذ جميع الإجراءات، وكافة الترتيبات، لكي تضمن أمنها واستقرارها ومصالحها، ونحن بالتأكيد نفعل ذلك من حيث الترتيبات العسكرية، ولكن هل نتخذ احتياطات كافية على المستوى العام، وهل تتم تهيئة الأردنيين لاحتمالات المرحلة المقبلة؟
لست في معرض التهويل من الاحتمالات، ولكن التذكير فقط بأن أحوال المنطقة ما زالت تنبئ بأخطار كثيرة، وأن مشاكلنا الاقتصادية تراوح مكانها، وأزماتنا الاجتماعية تزداد تعقيدا في ضوء تنامي معدلات البطالة ونوعيتها، وما يرتبط بذلك من ارتفاع في معدلات الجريمة، وسوء المزاج العام، وغير ذلك كثير من المظاهر المقلقة التي نلمسها جميعا.
مرة أخرى كل ما ندعو إليه هو المزيد من الانتباه، فما زلنا بعيدين عن التعبئة الشعبية في اتجاه التعامل مع احتمالات المرحلة المقبلة، وقد لا تكون الفصل الأخير من الصراع وحسب، بل الفصل الأول من واقع جيوسياسي جديد، وفي ظني أننا لا نتعامل بشكل جيد، لا مع عد تنازلي، ولا مع عد تصاعدي مع التطورات، فكثير منا يواصل نظرة منقوصة لمعنى الدولة بجميع مكوناتها، وقدراتها، على التعامل مع ذلك الوضع الذي تعيشه المنطقة.
سبق لي، وما زلت أنادي بتشكيل «مجموعة أزمة» تضم جميع الأطراف ذات العلاقة بالمعركتين: المعركة القائمة على حدودنا، والمعركة التي نخوضها من أجل معالجة وضعنا الاقتصادي والاجتماعي، أي معركتنا الداخية التي نرغب في كسبها، والفوز بها عن طريق المضي قدما بمسيرة الإصلاح الشامل، من خلال عمليات التغيير والتطوير والتحديث، والأهم من ذلك كله مراجعة النفس والضمير!
مزيداً من الانتباه
أخبار البلد -