أخبار البلد -
الحكومات التي تمضي مدد عملها الدستورية في زرع البؤس والحرمان والمعاناة في كافة ارجاء الوطن هي حكومات فاقدة لاحساسها الوطني، وهي متحجرة وطنيا، وهي مسؤولة عما الت اليه احوال شعبها في المحافظات والقرى النائية من ضيق وهم، وقد بلغ الفقر والقهر الزبى. ولم يلمس الاردنيون منها خيرا وما جاءت به سوى الضرائب والاسعار. وفاقمت عجز المديونية، وفشلت في تحريك الواقع التنموي في المحافظات، وبقيت امال الاردنيين معلقة على المجهول، وعيونهم شاخصة الى غد لا بشائر فيه. فما ذا ننتظر الا انفجار المحافظات لاسباب معيشية. وستفشل كافة الاجراءات والقوانين التي شرعت لمنع الناس مرة اخرى من الخروج الى الشوارع اذا دعاهم داعي الفقر والحت عليهم الحاجة، وقلة ذات اليد، وخاصة مع استمرار ارتهان الشعب لحكومات الجباية التي لا تفقه من مهام الحكم سوى فرض الضرائب والرسوم ورفع الاسعار.
والشباب المعطلون عن العمل لن يندرجوا في قائمة الصمت، وفقدان الامل، وانما سيكونون قلقا، وغضبا في مستقبل الايام. حيث الفقر مدعاة للهموم والالام . ولن يبرح الاردنيون حقهم في الحياة، ولن يطيقوا صبرا على التلاعب بمستقبلهم ، وقد طال انتظار الفرج والحكومات لا تشرع سوى بتصفية اخر ما في جيوبهم ، وانشغال غالبية اصحاب الالقاب بتحقيق مطالب اسرهم الخاصة، ويتم تفويد المحاسيب والمصفقين ايضاً، ويبقى الشعب على حالة حبيس الالم والشكوى والاحتقان، ويظل الابناء العاطلون عن العمل يمثلون مأساة في كل اسرة اردنية.
فأين هي تنمية المحافظات، وما هي الفرص التي تم توليدها للشباب، واين جدوى الصناديق التي اخترعتها الحكومات لشراء الوقت، وسرقة احلام الناس، والابقاء عليهم في دائرة الوهم. وماذا تعمل وزارة التخطيط سوى بيع الكلام، ومحاكاة الصورة الاعلامية في برامجها التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وتقتصر اعمالها على مخاطبة الاعلام، واجترار التصريحات.
والحكومات الفوقية تبتعد كثيرا عن حس الناس ووجعهم لانها تمثل روحا ارستقراطية، ولأنها تعيش بفوقية السلطة، حيث الرئيس ابنا لرئيس سبقه، والوزير ابنا لوزير ، ومحال ان تنزل الى مستوى الناس البسطاء حيث الهم الشعبي العام يتفاقم، ولن تحرك روح العمل والابداع في الجيل الذي اصبح يتيه ضربا في بيداء حزنه، وتعب ايامه ولياليه.
فمن يداوي حرن الاردنيين على وطنهم المضاع، ومن يعوضهم عن احلامهم المفقودة، وقد سرق حقهم في مجرد حياة متواضعة لصالح من ينعمون بخيرات الاردن، ويبذرونها اناء الليل واطراف النهار.
والشباب الذين سدت في وجوههم ابواب الرزق في وطنهم اين سيستقر بهم الحال ان لم يبتعلهم التطرف، وكيف تستمر معاناتهم لسنوات طوال ثم تأتي الحكومة تلو الحكومة بالهباء وبحرب الاسعار والضرائب، ولا تقدم على ارض الواقع ما ينهض بالواقع التنموي في المحافظات والالوية المنكوبة. ونحن شهود عيان على ما تعانيه مؤسسة الحكم من غياب الرؤية التنموية، ومن عدم وجود خطة للارتقاء بمستوى معيشة الاردنيين، وخاصة في المناطق المهمشة والتي تمثل خاصرة الدولة الرخوة، وهي المهيأة لكي تتحرك حالما ينفجر فيها الغضب الشعبي العام.
ان حكومة الاردن الشرعية هي حكومة رجال مخلصين ينتمون طبقيا الى قاعدة الفقر العريضة في المملكة ، ويسعون في صالح فقراء الاردنيين. ويسهلون لهم سبل معيشتهم، ويوظفون الامكانيات في توفير مشاريع واستثمارات مدرة للدخل بهدف ملاحقة البطالة، ومنع الفقر من ان يستقر في ارواح الاردنيين ويلوعهم في كل قرية او تجمع قرى في الاردن. ولا يهدرون ما هو ممكن في قفزات في الهواء، وفي تمكين مستوى معيشة الطبقة السياسية المرفهة، ويخدمون في الاطار الضيق من طبقة الحكم.
وقبل ذلك تكون حكومة الشعب تملك رؤية واقعية للاوضاع في المملكة، وتعرف الهوية الاقتصادية للمحافظات، وتفعل خاصيتها الانتاجية. ولا تقبل ان تستمر المعاناة ، وبأن تستمر الوعود الكاذبة، وتتواصل حركة الاحتجاج الشعبي مع كل تحرك للازمة الاقتصادية الكامنة في البلاد.