أخبار البلد - أخبار البلد - فراس الطلافحه
عندما حملت زوجتي للمرة الأولى كانت قد بشرتني أنها تحمل في أحشائها أنثى , تراقصتُ طَرباً وحمدت الله وسجدت شكراً له سبحانه وتعالى لتمضي الأيام والشهور لتضعها طفله جميله صرخت الصرخه الأولى إستفزت بها تلك الدمعه الرابضه في مقلة عيني والتي في العاده أحرص على إخفائها دائماً لأحتضنها بعد ذلك وأُقبلها وأشم رائحتها وكان حديث الروح إلى الروح والجسد إلى قطعةٌ منه أجمل سيمفونيه تؤلفها العاطفه وتعزفها الرحمه ما بين والد يرى إبنته الأولى لأول مره فكانت أجمل من تزينت وتعطرت بها حياتي وأيامي فأطلقت عليها إسم زين .
خرجت زوجتي من المستشفى لتأتي الجارات لتهنئتها وكانت من بينهن عجوز كانت تضيق بها نفسي كلما حضرت لزيارتنا أو صادفتها بمكان فهمست بأذني دون أن تُقدم لي التهنئه بإبنتي الله يعوض عليك بالصبي ... إستغربت من كلامها ورددت عليها أليست البنت نعمه من الله يجب أن نشكره عليها لِتُجيبني بيضل الولد غير وبيضل إلك وبينفعك لما تكبر فَلم أرد عليها بعد ذلك ولنمارس بعدها حياتنا الطبيعيه مع هدية الله الأجمل إلينا زين .
لم تحمل زوجتي بعدها لمدة خمسة سنوات لتأتي البشرى من الله أولاً ومن ثم زوجتي ثانياً أنها حامل فَتمضي الشهور الأولى من الحمل لنتوجه إلى طبيبتها فَتُخبرنا أنها حامل بطفل ذكر ولكن لا بد من إجهاض الحمل كون الجنين يعاني من فشل كلوي وسينمو بداخلها مشوهاً وإن قُدر له الله الحياه سَيكون من ذوي الإحتياجات الخاصه فلم نستجب لطلبها وأخبرناها أننا راضين بما قسمة الله لنا وعلى أي حال سيولد وتمضي الأيام ويشاء الله أن يولد متوفى ولكنه كان سليماً ولم يكن مشوهاً كما أخبرتنا الطبيبه ولم يعوضني الله بالصبي كما دعت لي تلك العجوز ولكن عوضنى بالرضا والصبر الذي لا يأتي إلا بخير دائماً .
بعد خروج زوجتى للمره الثاني حضرت تلك العجوز مع من حضرن من النساء لمواساة زوجتي لتتلقفني مرة أخرى أثناء مغادرتها منزلي ولِتدعو لي للمره الثانيه بعد ستة سنوات ولكن بصوت خافت ضعيف بعد أن تقدم بها العمر الله يعوض عليك بالصبي فتبسمت من قولها ضاحكاً وقلت إن شاء الله .
مرت خمس سنوات أخرى تخللها الكثير من الدعاء ( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ) وتخللها أيضاً موت العجوز وتوسلات من والدتي أن أعرض نفسي على الأطباء فلم أستجب لتوسلاتها أبداً ولَيَغفر لي الله وكانت إجابتي دائما طبيبي هو الله مع علمي أن الأخذ بالأسباب وزيارة الطبيب والإستشفاء لا يتعارض أبداً مع الإيمان واليقين .
كنت في إجتماع حين ورد لي إتصال من إبنتي زين وكانت في التاسعه من العمر تطلب مني البشاره بتلقين من والدتها طبعاً لِتُخبرني أن والدتها حامل فسجدت شكراً لله وغادرت المكان هائماً على وجهي من الفرحه حتى أنني نسيت سيارتي من الدهشه وكنت أرغب بإحتضان كل من في الشارع لأقول له من فرط سعادتي بالخبر بأن زوجتي حامل ليفرح معي , تمر شهور الحمل بطيئه جداً لِيُهديني الله الهدية هذه المره عائشه لأبكي للمره الثانيه ولأعيش نفس المشهد الرومانسي السوريالي الأول لأعظم حب ما بين الأب وإبنته فأشرقت حياتي للمره الثانيه بها وحضرت النساء لتهنئة زوجتي ولكن هذه المره بدون تلك العجوز التي كانت تدعو لي بأن يعوضني الله بالصبي فلم يستجب لها ليعوضني بأجمل حُبٍ فطري لأبنتاي فَكُنت السبب بإفسادهن بدلالي المبالغ به لَهُن .
ما يجرح القلب في كثير من الأوقات هو حين يسألني أحدٌ من أصدقائي أو زملائي الكُتاب وجميعهم مثقفين ويحملون الدرجات الأكاديمه العليا كم من الأولاد لديك ..؟ فأُجيبهم أبنتان فيرد الكثيرين منهم الله يعوض عليك بالصبي فأبتسم وأرد عليهم الله يرحمها من كانت تدعو لي بهذا الدعاء .
إبنتاي : بَكيتُ حين أشرقت دنياي بكما وما أنا متاكد منه إن أمد الله في عمري أنني سأبكي مره أخرى في حفل زفافكما بعد أن أهمس في أُذن كل زوج لكما أنني أحببتها قبلك .
الكاتب : عضو جمعية الكتاب الإلكترونيين الأردنيين