أخبار البلد - نحن بحاجة لوزارة قِيَم
لقد صُدم الأردنيّون عندما انتشرت قصّة شيك راتب الإمام في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدّسات الإسلاميّة والتي كشفت المعلومات اللاحقة ان راتب الإمام الغلبان هو 228 دينارا بينما كانت تكتب الشيكات بمبالغ بآلاف الدنانير الى جانب الراتب الحقيقي مثل 17228 دينار و45228 دينار او ما شابه ذلك وغيره يصرف تلك المبالغ .
وغير ذلك من قصص مماثلة كتلك المعلوليّة التي يأخذها الوزير عندما يخرج من الوزارة ليرفع راتبه التقاعدي وبالرغم من عجزه الوهمي يعود وزيرا او مسؤولا مرّة اخرى بعد ان يكون قد إستحوذ على نسبة المعلوليّة دون وجه حقِّ فهل يتساوى هذا مع ذلك الذي زوّر الشيكات باسم الإمام الغلبان .
وتلك الجرائم وغيرها الكثير تدلُّ على ان قِيم الصدق والأمانة والوفاء والإنتماء والمروءة وغيرها قد انعدمت عند البعض ممّن ابتعدوا عن الله كثيرا بل وانعدمت الضمائر في صدورهم بل واعماهم الحقد والحسد عن تمييز الحق عن الباطل وباتوا يشعرون والعياذ بالله انه مقابل الآلاف التي تدخل جيوب الكثيرين بالقانون ولكن دون مبرِّر او عدالة فبات يشعر ذلك الضال ان عليه ان يسرق المال من الحكومة وبالأخص من المساجد ووزارة الأوقاف فمن يتحمّل ذلك الذنب هل هو الحرامي لوحده فقط ام يشاركه في الذنب ولو بطريقة غير مباشرة النائب والعين والوزير ورئيس الحكومة اللذين يسمحون بوجود هذا الفارق الكبير بين دخل الموظّف الصغير الغلبان الجائع والبردان بينما يبحث في الحاويات عن مواد خام يأكلها او يتاجر بها وفي المقابل يسمح للوزير العامل او المتقاعد او العين ومن هم بسويّتهم وهم لا يكتفون برواتبهم الفلكيّة بل يفتحون مصالح اخرى يحصلون منها على اكثر من رواتبهم تلك نتيجة المعارف من المسؤولين والتسهيلات التي يحصلون عليها زورا وبهتانا وبعض اولئك المسؤولين وخاصّة خلال استراحتهم خارج الوظيفة يتحفونا بالمواعظ والنصائح للمسؤولين للرحمة بالبشر بينما هم لم يفعلوا شيئا خلال عملهم حيث كانوا من صنّاع القرار ولم يفعلوا شيئا من اجل معيشة الفقير وابنائه بل زادوهم فقرا بينما زاد الآخرون ثراء حتى بتنا نرى الرجل يكلِّم نفسه بالشارع والمرأة تندب حظّها والزمن الذي تعيش فيه عندما تخلو لنفسها واما الشاب والصبيّة تنتاب افكارهما الحيرة وتتشتّت بين المشرق والمغرب وهم يلعنون المسؤولين الذين اوصلوهم لهذا الحال لا عمل ولا مال بينما هم يتنعمّون بفلوس البلد التي اوصلت بالمديونيّة وحال الناس الى وضع يصعب على الكافر تحمُّله خاصّة ان حكي الناس والمواقع الإلكترونيّة والمحللّين الإقتصاديّين والسياسيّين وبعض المحطّات الفضائيّة تجعل المواطن ينتابه شعور بان البلد ينزلق نحو الهاوية وان وضع الدينار ليس باحسن حال كما هي قطاعات الصناعة والتجارة والزراعة والإستيراد والتصدير وغيرها التي تئنُّ تحت ظروف شبه قاتلة وان المواطن جرّب المسؤولين من كل الأطياف الإسلامي او القومي او اليساري او الموالي لدوائر واحزاب محليّة وكانت غالبيّتها ومنذ عدّة عقود تعمل لمصالحها الشخصيّة ومنفعتها الذاتيّة ولإيداع فلوسها في بنوك خارجيّة لتكون جاهزة للهرب هو وعياله خارج البلاد ويبقى الفقراء ليواجهوا مصيرهم حفاة عراة إلاّ من الدعاء لله ان يحفظ دينهم وكرامتهم إن حصل شيئ لا سمح الله ولكنّ البلد الله حافظها من طيب فقرائها وصبر وحكمة قيادتها .
وحيث ان الناس تدعوا الله ان يُحسن حالهم ويقوِّم وضع الفاسدين من مسؤولين وعامّة الشعب إلاّ ان الله لا يغيِّر من حالنا لأنّنا نحن لا تريد تغيير انفسنا واصبحنا لا نستطيع ذلك طواعية وأنّ الله عزّ وجل اكرمنا بإامهلنا كثيرا وامهل الفاسدين في مجتمعنا ولم نعود نحن ولا المسؤولين الى الله في توبة نصوحة ولم يعد لنا سوى امل واحد وهو ان يأمر جلالة الملك الحكومة بإنشاء وزارة للقيم ويكون على رأسها وزير عسكريُّ الخلفيّة قويُّ الشكيمة شرس الطبع حازم في قراراته وان يأتمر باوامر جلالته مباشرة وان تكون سلطاته نافذة على الحكومة بوزاراتها ومؤسّساتها كافّة وعلى الشعب والنوّاب والأعيان ولو أدّى ذلك الى ظروف صعبة لفترة بسيطة حتّى يتم إصلاح ما يمكن إصلاحه وعودة قيم الصدق والإنتماء والوفاء والعدالة الى عقول البشر وقلوبها والحياة لضمائرها وخلال هذه الفترة البسيطة نبتعد عن المزايدات الكاذبة وعن الثأر والإنتقام والإقصاء والخوض في السياسة والدين وان يأخذ كل ذي حقِّ حقّه ويعاقب كل فاسد ومسيئ على ما إرتكبه ويعيد كل ناهب لأموال البلد الى خزينة الدولة ما نهبه وان تُلغى خلال هذه الفترة الإمتيازات والألقاب والعطايا والمكارم وان تُفرض خلالها قوانين وتعليمات صارمة لا محاباة فيها ولا تحيُّز وان يتم تطبيق نظام من اين لك هذا بشكل دقيق وعلى القطاعين العام والخاص وعندها نستطيع ان نحتذي حذو سنغافورة وماليزيا وسويسرا واليابان والمانيا وغيرها من الدول التي خرجت من حروب واعادة تكوين نفسها وإعادة هيكلة شعوبها من جديد ومن خلال حكومات منتمية مخلصة لشعوبها كانت المبادرة لتغيير نفسها فكانت القدوة لشعوبها من اجل التغيير وثمّ الإصلاح فاصبحت من اكثر الدول ديموقراطيّة و مساواة واصبح دخل الفرد فيها من اعلى الدخول في العالم .
اللهم احمي بلدنا ارضا وشعبا وجيشا وقيادة من كلِّ اذى والهم اهله الصبر والرشد وحسن التصرُّف والتقرُّب لله واصلح حالنا في ظل قيادتنا الرشيدة.
احمد محمود سعيد
البناء الأخضر للإستشارات البيئيّة
ambanr@hotmail.com
14/1/2017