أخبار البلد -
لا نتوقع أن يحجب النواب الثقة عن وزير الداخلية سلامة حماد في جلسة مجلس النواب يوم الثلاثاء المقبل على خلفية أحداث الكرك ، ذلك أن مقاعد المجلس تمتلئ ء بالعقلاء ممن لديهم الحكمة والاتزان ما يمكنهم من الحفاظ على المصلحة الوطنية ، ورفض الاستجابة للانفعالات التي أحدثتها الصدمة وأصابت من تقدموا باقتراح حجب الثقة عن الوزير تحت تأثير حالة من الارتباك والذهول.
يدرك الحكماء مدى أهمية إبعاد المجلس التشريعي عن النزق النيابي والمواقف الارتجالية ، والتسرع بإطلاق الأحكام من الشارع بناء على ظن ، ودون استناد إلى قرينة مقنعة او دليل. والسادة النواب ممن كانوا قادة ومدراء في أجهزة الأمن أدركوا هذه الحقيقة إدراكا تاما وكانوا الأكثر رزانة واتزان في تفهم حقيقة ما جرى من أحداث.
تقييم أداء كبار المسئولين والمدراء والقادة الأمنيين ، أو نقد الخطط الأمنية لا يقرره إلا المختصون وحدهم ، وبعد إجراء التحقيق والدراسة والتحليل لإثبات حالات الخلل او الخطأ على حقيقتها ان وجدت بنزاهة وتجرد وحياد بعيدا عن أجواء القلق والتوتر.
الإستراتيجية الأمنية التي تعدها وتنفذها وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية والعسكرية وفرت الطمأنينة والاستقرار ، وجعلت ذاك الذي حكم عليها بالفشل من السير من العقبة إلى الرمثا لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ، وهيأت له المناخ الآمن لخوض العملية الانتخابية ووصوله إلى قبة البرلمان التي يتخذها الآن منصة لزعزعة الثقة بالمجهود الأمني الوطني ، ومحاولة التأثير على معنويات منتسبي الأجهزة الأمنية وتثبيطها ، والتشكيك بقدرة وكفاءة قياداتهم .
إستراتيجية الأمن الوطني أثبتت فعاليتها ، واستطاعت إبعاد المملكة عن الوقوع فيما يجري في دول الإقليم، وكخبير ومتابع للشؤون الأمنية استبعد ان يكون وزير الداخلية قد وقع بما يوجب ان يحجب عنه الثقة فيما يخص أحداث الكرك الأخيرة ، لأنه باختصار شديد ليس هناك ما يثبت حصول خطأ امني في العملية ، أما عن ارتفاع عدد الشهداء والقتلى والمصابين فهي سمة كل الأعمال الإرهابية التي تجتاح العالم كل يوم، ولا تعني بالضرورة ان تكون ناجمة عن خطأ او إهمال امني او تقصير .
لم تطرح البرلمانات العريقة في الدول الغربية التي تعرضت بلدانها لهجمات إرهابية مماثلة الثقة بوزراء داخليتها أو تطيح بقادة أجهزتها الأمنية ، ما يدل على عدم انفراج زاوية النظر عند الطارئين والمبتدئين ويشير إلى نظرتهم السطحية غير المعمقة للأمور، وإضاعة وقت المجلس وإثارة ما يشتت جهوده في شؤون هامشية .