للدين العام مخاطر عديـدة أحدها أن كلفة خدمـة الدين تستهلك جزءاً لا يستهان به من موارد الخزينة التي كان يمكن إنفاقها لتمويل وتحسين خدمات الحكومة وتطوير البنية التحتيـة والإنفاق الرأسـمالي.
في حالتنا يبلغ الدين العام حوالي 12 مليار دينار تقارب 60% من الناتج المحلي الإجمالي وضعف الموازنة العامة للدولـة: أما خدمة الدين بشكل أقساط للقروض الخارجية فتبلغ 350 مليون دينار، أما الفوائد على القروض الخارجية والمحلية فتبلـغ حوالي 420 مليون دينار أي أن خدمة الدين العام في سنة واحدة تصل إلى 770 مليون دينار أو ما يقارب 4% من الناتج المحلي الإجمالي، تعتبر بمثابة ضريبـة على جميع الدخـول والأرباح والفوائد والإيجـارات التي تتحقق خلال سنة كاملة.
إذا افترضنا أن مجموع الإيرادات المحلية والمنـح الخارجية في سـنة 2010 بلـغ 4661 مليون دينار، فتكون خدمـة الدين العام قـد استولت على 5ر16% من إجمالي إيرادات الخزينة.
هكذا تكون خدمـة الدين العام قد أكلت سـدس إيرادات الدولة، وهي تتجه إلى المزيد ما لم تأخذ الحكومة بسياسة مالية مشـددة من شأنها تخفيض العجز في الموازنة وتقليـل الحاجة للمزيد من الاقتراض الداخلـي والخارجي.
المديونيـة الكاملـة قد تكون أكبر وأخطر، فالجامعات الرسمية مديونة، وأمانة عمان الكبرى غارقة في الدين حتى الأذنين، وجميع البلديات تعاني من أعبـاء الديون، هـذا فضلاً عن 62 مؤسسة وهيئـة حكومية مسـتقلة، أكثرها يحمل ديوناً ثقيلـة مكفولة من الخزينـة.
لا تستطيع الحكومة أن تستمر في القيام بدور دولة رفاهية على الطراز الخليجي، وأن تستمر في منح المزيد من المكاسب والإعفاءات والتخفيضات والدعـم الاستهلاكي، علماً بأن كل هـذا ممول بالدين على حسـاب المستقبل.
على أثر أزمة 1988/1989 بسبب العجز عن سداد الدين، واللجوء إلى صندوق النقـد الدولي، نشأ سـؤال عن توزيع مسـؤولية التورط في الاستدانة بين رؤساء حكومات ذلك العهد، وقام وزير المالية آنـذاك باسل جردانـة بحساب حصة كل رئيس من المسؤولية، فهل نعيد التجربة قريباً أم نتعظ بتجربتنا المرة.