يطالب المشروع بوضوح أن تلتزم الوزارات والمؤسسات الرسمية والمؤسسات التعليمية الرسمية في جميع مراحل التعليم والبلديات باستخدام اللغة العربية في جميع ما يصدر عنها من أنظمة وتعليمات ووثائق ومعاملات ومراسلات وإعلانات، كما أنه يُلزم مؤسسات التعليم العالي التي تشرف عليها الحكومة بالتدريس باللغة العربية في جميع العلوم والمعارف.
ما أن سمعت بالقرار حتى اجتاحني فيض من مشاعر مختلطة حزن وغبن وفرح وفخر واستدعت الذاكرة فورا قصيدة الشاعر الكبير حافظ إبراهيم:
رجعت لنفسى فاتهمت حصاتى
وناديت قومى فاحتسبت حياتى
رمونى بعقم فى الشباب وليتنى
عقمت فلم أجزع لقول عداتى
فشكرا لمن فكر في المشروع ومن ساهم في صياغته ومن اقره لما في ذلك من غيرة دينية وقومية على لغة الأمة وهويتها ونأمل بمزيد من القرارات على امتداد وطننا العربي الكبير بهذا الاتجاه وكانت الأردن قد اتخذت قرارا مماثلا في أيلول 2015.
يقول د.خالد الكركي رئيس مجمع اللغة العربية الأردني حول القانون:
"همّنا واحد، وهو أن تسود العربية السليمة في حياتنا لأنها لغة الحياة في الحرب والسياسة والإعلام والتعليم والتعلم".
وزاد "من جراح الأمة تأتي جراح لغتها، ومن هوان أهلها تهون على أبنائها، ويصبح القابض على جمرها غريبا منها".
لغة الضاد اليوم حزينة فابناءها يتفاخرون بلسان غيرهم ويتنكرون للغتهم وفي الوقت الذي نمت فيه الشعوب وتطورت بلغتها الاصيلة فقدنا نحن البوصلة فتارة نشرق وأخرى نغرب ونسقط ضعفنا على لغتنا علما بأن الشعوب التي تطورت ورقت كان ذلك بلغتها الأم ولم تجافي ماضيها أو هويتها.
من الهوان أن نكون مضطرين للي ألسنتنا كي نخاطب ونتودد إلى غيرنا من ضيوفنا ولا يُطلب منهم بالمقابل أن يخاطبونا بلغتنا ولو ذهبنا اليهم نشعر بالنقص أننا لا ننطق بلسانهم بل يضعون في وجهنا كل العقبات حتى نتعلم لغتهم.
يكفي اليوم أن تسير في الشارع فتسمع أو تدخل سوقا فتقرأ أو تطلع على مواقع التواصل أو تتصفح الجرائد لتجد أن لغة القران الكريم تنسحب مهمومة لصالح لغات أخرى أو لهجات مشوهة فلا نحن حافظنا على لغتنا ولا تقدمنا بغيرها لكن المريب أن تجد الحكومات ودساتيرها التي تتغنى بعروبتها تسمح أن يساء إلى لسانها باستخدام لغة أخرى في المخاطبات الرسمية حتى التبس علينا فيما إذا كنا نعيش في بلاد عربية.
ومن المؤسف أيضا أن تركنا أبناءنا الصغار يتحدثون معنا في بيوتنا لغة ليس لها هوية ولا تندرج تحت تصنيف وهي خليط مهجن من عدة لغات أو لهجات غير آبهين بما ينطوي عليه ذلك من اغتراب.
عربيتنا تزيد عن غيرها بأنها لغة العبادة لدى المسلمين على اختلاف أوطانهم وألسنتهم ويتحدث بها ما يقارب نصف مليار من البشر وهي إحدى لغات الأمم المتحدة وخصص لها يوما للإحتفاء بها لكننا لم نحفل به ولم تكن يوما عاجزة عن مجارة العلم وأهله بل أهلها هم العاجزون ولم نرى أو نسمع عن قوم تقدموا بغير لغتهم على مدار التاريخ.
-مطلقا- لا ندعو إلى الانطواء أو الانغلاق أو معاداة لسان الآخر بل ينبغي لنا أن نضع الأمور في نصابها دون تهاون أو غلو ولا ننكر أن تعلّم لغة أخرى هو من أسباب النجاح والارتقاء بالفرد والأمة لكن ما لا نقبله أن يتم تجاوز لغتنا الأم لحساب لغات أخرى بحجج متهافتة.
حالنا مع لغتنا اليوم يجسدها قول الشاعر:
فقلت لها من انتِ قالت انا التي حفظت لكم قدرا وضيعتموا قدري