محمدخالد الصبيحي
لا يخفى أن الانتهازية هي نوع من أنواع النفاق إلا أنه يختلف في أن الانتهازي لا يضمر من وراء تظاهره بالصلاح أو التملق إلا مصلحته الذاتية في النفع المادي القريب لإشباع طموحه أو امتيازاته غير المشروعة والإبقاء عليها . بينما يخفي المنافق في نفاقه ألوانا من التآمر والأفكار المنحرفة في منهجية مدروسة ويتغلغل بين صفوف المبدئيين والمخلصين مظهراً ولائه وإيمانه متحيناً للفرص من اجل القضاء على الرسالة وقيمها ومبادئها . فالمنافق يسير وفق خطة مرسومة سلفاً وقد وضعت جميع برامجها التفصيلية وتناولت دقائق الأمور في محاولة من أجل القضاء على أصل المبدأ والعقيدة , لذا لم تكن الانتهازية مفهوماً جديداً يستخدمه المثقفون والسياسيون في مصطلحات القاموس السياسي الحديث بل كان أسلوبا متبعاً منذ أن قامت البشرية وقد عالجها الإسلام كحالة مرضية تنتشر في أوساط المجتمع .
مارس الانتهازيون أدوارا خطيرة على طول التاريخ البشري وكانت لهم سلوكيات أقل ما يقال عنها أنها تثير الاشمئزاز فلم يكن لهم لون واحد ولا استمروا على وتيرة واحدة مدى تاريخه الحافل بالانتهازية والوصولية واستغلال الفرص أبشع استغلال. المنافقين الذين ينعقون مع كل ناعق سلوك الانتهازي إنما هو انعكاس طبيعي لما يختلج في نفسه من حب الذات والمصالح الشخصية ولكنها لا تشكل العامل الوحيد الذي تنشأ منه كل تلك الانحرافات وقد ترجع في بعضها إلى عدم تأصل المبادئ في عقيدته . فالانتهازية رأي لا أصالة له ولا يرتكز على ارض صلبة وإنما يتحول ويتبدل ويدور مع الريح أينما دارت لا جذور له ولا أصالة... يبحث عن ذاته فلا يجدها فيتعلق بأذيال الآخرين ويحاول أن يتلبس بأصالة فلا يجد نفسه إلا وهو عاري الجسد حافي ألقدمين وعندما لم يكن للعقيدة دور يذكر في تحديد سلوك الانتهازيين فأنهم يلجئون إلى خلق ثقافة تبريرية في أوساط المجتمع ويروجون لها ليتسنى لهم تبرير سلوكياتهم في الانتهازية والوصولية ,وهذا النوع هو فاقد للرجولة والأخلاق إضافة إلي أنة آفة ضارة في المجتمع واستأصليها وفضحها هو واجب مبدئي وديني لأننا أصبحنا في دهر عنود وزمن كنود يعد فيه المحسن مسيئاً، ويزداد الظالم فيه عتواً لا ننتفع بعلمنا ونقدس جهلنا، فأصبح الحق باطلاً والشرف وضاعة.