طائراتهم تقصف في الغرب وعيونهم وفكرهم يرتقب مستقبل مصر...هكذا هي عيون النسور الغربية التي تدافع عن الإنسانية...
كثيرون منا يعتقدون أن الغرب وقف مهللاً ومرحبًا بمستقبل مصر الجديد وأنه لم يتدخل، لكن المراقب للوضع يجد أنهم حركوا أساطيلهم نحو البحر الأبيض في خضم لحظات الولادة للحرية في مصر، وكانوا مستعدين للقيام بالتدخل السريع فيما لو ظهر لهم طابع قيادة مصر الجديد عكس ما يتوقعون، لكنهم وجدوا أن مستقبل مصر لم يحسم بعد فكانت ليبيا فرصتهم ليضعوا لهم عيوننًا من أساطيرهم التي تجوب البحر الأبيض تحت غطاء الدفاع عن الإنسانية وحماية المدنيين، وكثيرون يظنون أن الطابع الإنساني هو الدافع للتدخل من قبل الحلفاء في ليبيا، ولكن لماذا لا نراهم يتدخلون في اليمن وفي سوريا...ولقد صدق القذافي حين قال أين كنتم في أيام ثورة شباب الصين والشيشان في روسيا وأين الإنسانية في الفلوجة وأين الإنسانية في غزة...لم نرهم يحركون ساكنًا، نكذب على أنفسنا أن وصفناهم تحركوا بدافع الإنسانية ونكون ساذجين إن وصفناهم يتدخلون لأجل النفط ومصالح مادية...، لكن الحقيقة هي أنهم تدخلوا ليفشلوا شعبية الثورة وسلميتها لتشكل الدماء التي أريقت تحت غطائهم ذريعة الحرب التي سيطول رحاها في مستقبل ليبيا القادم دون رجوح لكفة القذافي أو الثوار، بل سيحافظ الغرب على توازن محدود يضمن لهم استمرار الصراع، وستكون ليبيا في مستقبلها نقطة شبيهة في أفغانستان لكن دون احتلال على الأرض ومستباحة كي تمارس قوى الغرب ضغطها المستقبلي لا على ليبيا ولا على تونس، فالهدف هو مصر لا غيرها، فوجه الثورة المصرية لم يحسم طبيعة قادتها في المستقبل وفي حال كان مخالفًا لتوجهات الغرب وطموحاته ومعادي لإسرائيل كما هو متوقع على الأرجح فإن الغرب بحاجة لتحجيمه وللضغط عليه من خلال أرض ليبيا التي ستكون مرتعًا للفوضى بفعل التدخل الغربي فيها، فالحلف لن يتدخل في ليبيا إلا في حال شعوره أن قوات القذافي تقترب من السيطرة وهم لا يوقفون تدخلهم إلا في حين رؤية الثورة تتقدم غربًا، هم يريدونها بين وبين...، لكي تسود الفوضى التي سيصدرونها على مصر وعلى تونس والجزائر وكل أفريقيا، وسوف يدفع شعب ليبيا ثمن هذا الغطاء الخفي والوجه الحاقد للغرب في تدخل المتذرع بالإنسانية، وسيدفع الشعب الليبي ثمن حرية لن يراها في ظل هيمنة القذافي وفي ظل تلاعب الغرب بمواقيت التدخل، وما نتمناه أن يجد الليبيون لهم منفذًا لما يعانونه بعيدًا عن تدخل الغرب الذي دمر مستقبلهم، وما نتمناه أن يصدق العرب مع أنفسهم وأن يكون لهم الدور الحاسم في فك أزمة ليبيا من خلال الحوار لا الاقتتال.
بقلم:- مالك خلف البزيرات القرالة